تعزيز التنافسية ومنع الاحتكار وتعريف المهيمن على السوق ...... بقلم: صلاح هنية
يتجه العالم اليوم نحو المنافسة وتعزيزها ومنع الاحتكار ووضع ضوابط للهيمنة في القطاعات كافة، ويتنوع التفاعل مع هذا التوجه من دولة إلى أخرى، ففي الوقت الذي نظمت فيه عديد الدول قانونا للمنافسة ومنع الاحتكار وانشأت لها هيئة مستقلة تشرف على انفاذ القانون ومتابعة الملف ووضعت ركائز وتعليمات، مازال القانون فلسطيينا يتدرج في مراحله الاعتيادية اي القراءات الثلاث ومن ثم المصادقة الرئاسية ليصبح نافذا، وأعلن عن إدارة عامة للمنافسة ومنع الاحتكار في وزارة الاقتصاد الوطني لم ترق لوضعية هيئة مستقلة ذات استقلالية، وتستمر عملية بناء افتراضات على أساس هذا الانجاز المتواضع، وكأن تغيرا جذريا قد جرى على ارض الواقع، حيث ظلت الأسعار مرتفعة، وما زال هناك هيمنة في السوق، وما زالت هناك تحالفات تجارية تحدد الحد الادنى للأسعار بصورة مرتفعة لا تتناسب مع القدرة الشرائية للمستهلك، وما زالت هناك عقلية الجباية قائمة من خلال فرض عدادات مسبقة الدفع للمياه بصورة تحول المياه إلى سلعة وكأنها ليست حقا انسانيا.
لا نودّ الغوص في التفاصيل قبل إجراء مراجعة لبعض الأدبيات في هذا المجال، فالمنافسة أساسا هدفها تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحفيز الشركات على زيادة التركيز على الجودة والسعر المنافس كأداة من ادوات المنافسة، وتوفير للمستهلك حقه في الحصول على منتجات عالية الجودة وبسعر منافس.
وتتطلب هذه السياسة التنافسية سياسات مالية واقتصادية محفزة للمنافسة وليست كابحة لها مثل اعتماد سياسات مالية تمنع توسيع قاعدة العرض في السوق الفلسطيني على قاعدة أن لدينا مصنعا فلسطينيا وحيدا يغطي 30% من احتياجات السوق الفلسطيني والبقية الباقية يغطيها المنتج الإسرائيلي فننقض على المستوردين بإجراءات جمركية مباشرة واضح انها انعكاس لتأثير المهيمنين على السوق ويغلفون ذلك بأنهم المُخلصون والمُخلصون للمستهلك الفلسطيني، الأمر الذي يغلق السوق على هذين المصدرين الذين يرفعون السعر كما شاؤوا ويذهب المستهلك ضحية ارتفاع الأسعار، وعندما يحتج المستهلك يقال له انه اقتصاد السوق ولا نستطيع تحديد الأسعار.
وتتطلب هذه السياسة التنافسية تشجيع المنتجات الفلسطينية في الاسواق المنظمة ( اللوازم العامة والعطاءات المركزية ) والتي تصل مشتريات وزارات ومؤسسات وهيئات الحكم المحلي الفلسطينية 10% من الناتج المحلي الاجمالي بما يقارب 700 مليون دولار وفي حال توجيهها باتجاه المنتجات الفلسطينية والسلع المستوردة عبر وكيل فلسطيني معروف مسجل لدى مراقب الشركات ويضخ اموالا في الخزينة الفلسطينية.
وتتطلب هذه السياسة التنافسية ايضا معالجة استغلال وضع الهيمنة والقدرة السوقية الكبرى التي تمكنها من اخراج منافسين متوسطي وصغار الحجم وهذه واحدة من أكثر الممارسات المضرة بتعزيز المنافسة، كونها تفرض سعرا مرتفعا على المستهلك دون بدائل سعرية منخفضة أو مقبولة. وهذا كان يحدث لسنوات مع الأدوية السمتوردة 200 صنف، ويحدث مع الاسمنت، ويحدث مع بعض السلع الأجنبية المستوردة عبر وكالات حصرية في الوقت التي تباع ذات السلع في السوق الإسرائيلي والاردني والمصري اقل بكثير من أسعارها في السوق الفلسطيني.
ومن الواضح أن واحدا من مظاهر تغيب المنافسة غياب هيئات التنظيم في قطاعات عدة وأهمها قطاع الاتصالات الذي يؤهله القانون للقيام بإجراءات تعرف المهيمن وتفتح أبواب المنافسة خصوصا اننا على ابواب فتح المنافسة لمشغل ثاني في الاتصالات الأرضية الأمر الذي يتطلب من المنظم اعلان رؤية الحكومة لشفافية الإجراءات لدراسة طلبات المشغل الثاني. وكذلك الحال في قطاع المياه حيث يغيب المشغل وتتعدد المرجعيات القانوينة الأمر الذي يولد ضررا على المستهلك جراء هذه التعددية وغياب المنظم.
ويجري الاستخفاف بهذا الطرح بشكل واضح من خلال النفي أن هناك مهيمنا وأن هناك احتكارا بصورة غير مباشرة وأن ادعاءات بفتح السوق للمنافسة ولولا ذلك لشهدات الأسعار ارتفاعا كبيرا في الوقت الذي يظهر الارتفاع نتيجة للهيمنة والتحكم بالسعر في سلع متعددة ولا تستطيع كل اجهزة الرقابة معالجتها ولا اعادتها لوضعها الطبيعي. ولعل أسعار الارز مؤخرا واضحة ولم تستطع كل اجهزة الرقابة اعادتها لسابق عهدها، والاسمنت.
وتقف اليوم جمعية حماية المستهلك الفلسطيني نوقفا واضحا وثابتا باتجاه تعزيز التنافسية ومنع الاحتكار والمسارعة في اصدار القانون وانشاء هيئة مستقلة لتعزيز المنافسة ومنع الاحتكار، وتدعو الجمعية ديوان الرقابة المالية والادارية إلى تقيم جدوى القرار الحكومي برفع الوكالات الحصرية لخفض الأسعار ومدى الالتزام به خصوصا ان عديد السلع يرتفع سعرها جراء غياب المنافسة وهناك عديد المنتجات الإسرائيلية لا زالت تتعامل بنمط الموزع الحصري ولم يتغير شيئا منذ صدور قرار رفع الوكالات الحصرية حسب دراسات ومتابعات جمعية حماية المستهلك الفلسطيني اذ لم تتغير أسعار الدقيق المنتج إسرائيليا بل لوح برفع اسعاره من قبل المطاحن الإسرائيلية بينما ينافسه دقيقا تركيا واوكرانيا مستوردا الا انه يواجه بإجراءات جمركية تدفع باتجاه رفع سعره ليقترب من الإسرائيلي بحيث يخرج من السوق ويصبح المستهلك اسيرا لأسعار مرتفعة.
حلول:
اولا) اصدار قانون تعزيز التنافسية ومنع الاحتكار.
ثانيا) التوازن في السياسات الاقتصادية بين سياسة المنافسة وسياسة حماية المستهلك.
ثالثا) انشاء هيئة مستقلة لتعزيز التنافسية ومنع الاحتكار.
رابعا) رفع القدرات التنافسية للمنتجات الفلسطينية.
خامسا) تحقيق هدف إلغاء الوكالات الحصرية.
سادسا) محاربة مظاهر الهيمنة على السوق.
سابعا) إلغاء العبارات التبريرية التي تستخدم من قبل جهات مسؤولة حكومية عن تعزيز التنافسية من خلال الايحاء اننا فتحنا باب المنافسة للاستيراد لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.