كنت سعيداً لأن قلبي واستمرار عمله مهمان لعدد لا بأس به من الناس، وفتحت رحله العلاج ـ على الرغم من قسوتها ـ آفاقاً جديدةً للتفكير في عدة اتجاهات، وطبيعة العلاج أنك دائماً تفكّر بأمرك وما سيؤول إليه تطور وضعك الصحي، إلا أنه عندما تغمض عينيك وأنت لست نائماً بالكامل تسرح بالتفكير في عدة أمور وكأن شريطاً يدور أمام ناظريك.
كنت زائراً في ساعات الفجر للمشفى الحكومي بعد أن غادرت المشفى الخاص، وهو ليس خاصاً بالمطلق، ولكنه محسوم مالي خاص.
في المشفى الحكومي بادروا لاتباع تفاصيل البروتوكول الطبي كاملاً في قسم الطوارئ، فتم سحب عينات الدم للفحص، طلبت من مرافقي مهمتان، الأولى إرسال عينه إلى المختبر في المشفى نفسه، والثانية إرسال عينة إلى مختبر خاص في المدينة خارج المشفى. واتبع مرافقي التعليمات حرفياً.
الوصول إلى المختبر الخاص تطلب خارطةً حديثة التحديث للوصول إليه بين الصعود إلى الطابق الخامس والهبوط بالمظلة إلى الطابق الثاني.
سألت عن سبب التحويل إلى المختبر الخاص، فجاء الجواب: الجهاز معطل، السؤال من طرفي: أين الخبراء في الأجهزة الطيبة؟ ولماذا يترك معطلاً؟ ولماذا نترك المرافقين أو المرضى أنفسهم يتوجهون إلى المختبر الخاص.
وتتواصل الحكاية على سرير الشفاء في المشفى...
الزوار يهاتفون: تأمرنا بشيء، وعندما أطمئنهم إلى أنني بخير يبدأ التندر: شو رأيك بأرجيلة نربطلك إياها مع وصلة الأكسجين!، الآخرون كانوا أقدر تحسساً لاحتياجاتي: شو رأيك كيلو "إنترنت" وشحطة "فيس بوك".
استفزني الإنترنت، خصوصاً أن المشفى لم يكن لاسلكياً فقرأت بتحايل من الزوار خبرين أثارا في تساؤلاً حقيقياً
على الهواء مباشرة لحظة ارتفاع سعر كيلو المعسل بشكل قياسي، حذرت نيابةً عن جمعية حماية المستهلك الفلسطيني (الذي أوصى أحد أعضاء لجنة إدارة الحوار المالي باستثنائها من المشاركة في الحوار مع الحكومة) من أن تهريباً سيقع وتزويراً لماركات المعسل وانعدام الجودة وأضراراً مضاعفة على صحة المستهلك من أضرار التدخين ومن سوء النوعية الأمر الذي يزيد الضرر.
ما إن انقضى شهران على ارتفاع الأسعار حتى ثبتت صدقية رؤيتنا وأعلنت الجهات الرسمية عن انتشار التهريب والتزوير والأخطار على صحة المستهلك.
وعبر الأثير نفسه حذرت من خطورة السماح بإنتاج سجائر جديدة بأسعار مخفضة وهذا لا يؤشر إلى أن رفع الأسعار يخدم هدف الحفاظ على الصحة.
الآن جاء قرار خفض سعر المعسل ضمن لائحة دفاعية طويلة ومن ضمنها إصرار على إنتاج صنفي دخان بسعر مخفض.
الخبر الثاني يتعلق بإلقاء مسؤول فلسطيني المسؤولية عن كاهله على كاهل آخرين، السؤال إلى متى سنظل نقبل هذه التبريرات والمحاولات بصور مختلفة.
كنت أجالس مسؤولاً أمنياً سابقاً في السلطة الوطنية الفلسطينية وفي خبر في السياق نفسه قبل عام تقريباً محاولة مسؤول التنصل من مسؤوليته عن مسألة معينة وتحميلها لآخر، فقال لي المسؤول الأمني: أنا حريص على كل ما يقع ضمن مسؤوليتي وبالتالي لا أسمح بأي مخالفة لأنني أدقق بالأمر بدءاً من سيارتي حتى مكتبي حتى سلوك المرافقين.
الخبر الثالث تراجع الحكومة عن الشرائح الجديدة لقانون ضريبة الدخل المعدل بصورة دراماتيكية لم تتجاوز الشهرين من تاريخ إقرارها.
ما أثار حفيظتي هو إخضاع قرار حكومي للطعن والاعتراض وكان بالإمكان إسعاف الأمر من قبل مديرية ضريبة الدخل في وزارة المالية، مدير عام ضريبة الدخل قال في ندوة مع القطاع الخاص إبان الاحتجاج على الشرائح: بالإمكان حلها على فنجان شاي دون إرباك؛ لكن الأمر احتاج إلى حوار وانتصار لرموز ترغب في أن تشكل بديلاً لقيادة أطر القطاع الخاص.
جاءني زائر المساء للاطمئنان إلى صحتي حاملاً قضيةً ماليةً حكوميةً فالمستأجرون لديه تلقوا تعليمات من ضريبة القيمة المضافة أن خصماً بقيمة الضريبة المضافة على قيمة الإيجار تحسم على المؤجر، علماً أنه يعتبر أن عقد الإيجار لم يتضمن هذا البند، والآن جاء من جديد الأمر الذي يؤدي إلى تراجع قيمة الإيجار وبالتالي قيمة العقار.
حكايتي جزء من الحكاية العامة والهم العام، حكايتي كان بالإمكان أن تكون مختلفة تماماً حيث كان ولا يزال بالإمكان أفضل مما كان، حكايتي تحسينها يحتاج إلى حلول خلاقة مبدعة، تحتاج إلى قرارات أقل قبولاً للاعتراض والنقض.
حكايتي تأثرت سلبياً وعاطفياً على أرواح أطفال ذهبوا ضحية حادث سير مروع في منطقة جبع وباتت هناك ضرورة قصوى لاستخلاص العبر والخروج باستخلاصات، بات من الضرورة أن يزال فوراً حاجز جبع الاحتلالي وأن يجبر الاحتلال على الموافقة على قيامنا بتطوير الوضع المروري في محيط قلنديا والمخطط جاهز والرفض الاحتلالي قائم. يجب أن يكون لدينا كمواطنين وعي أكبر في التعاطي مع مثل تلك الحوادث، ويجب أن نتعاطى فلسطينياً في مثل تلك الحوادث كفريق عمل متكامل ولا نلوم بعضنا بعضاً على الهواء مباشرة في ظرف غير ملائم أبداً.
حكايتي جزء من الحكاية العامة ..... بقلم: صلاح هنية