صرارة بتسند حجر بقلم: صلاح هنية
هبت النيران في سوق خضار وفواكه البيرة ومحلات تجارية محيطة، وانشغلنا لساعات بالتحليل والتأكد، وفي نهاية الأمر "وصلوا وسط رام الله" من باب شفتوا؟ واضح ومفهوم. ومن ثم بات الأمر موضوعاً يتم تناقله افتراضياً: مازال الدفاع المدني في المكان، وانفعل فلان وسجل نقطة وطالب بتعويضات فورية.
واقع الأمر، ما وقع مقدمة ستتكرر بشكل أكبر، لأن المقدمات تقود لمثل تلك النتائج، اذ عندما اطّلعت على تقرير المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" لعام 2022 الذي نظم في شباط 2023 كانت الأمور واضحة وضوح الشمس، وباختصار شديد نحن أمام حكومة لا ترى أن هناك شعباً فلسطينياً ولا مسألة فلسطينية، نحن هنا لا نضرب بالمندل ولا نقرأ الفنجان، الحاضر أمامنا يقودنا لتلك الاستنتاجات شئنا أم أبينا.
الفرق بسيط جداً أن الغالبية العظمى تعاطت مع الأمر بالعبارات والرؤيا ذاتها "إنها رام الله العاصمة الإدارية" شفتوا؟ هذا هو الواقع" وبتبلّش المعزوفة "أين هم؟" "من سيعوّض؟". وكلنا معاً لا نستخلص العبر، لأننا نلف وندور في مؤتمراتنا وورش عملنا واجتماعاتنا ولقاءات مسؤول مع مسؤول، ومسؤول مع مساعده، ولا نُصيب كبد الحقيقة بغض النظر إن كانت لدينا الإرادة أن نصيب كبد الحقيقة، وفي النهاية تبقى البلديات في الميدان مع ناسها تنتظر سبيلاً لحل مشكلة الناس التي سببها الاحتلال، تماماً كما هو الحال في جنين وطولكرم والمغيّر وترمسعيا وقصرة.
يجب أن تكون الرسالة الإعلامية واضحة جلية تصل للمستهدَف، وهي ليست إنشاء فقط، وليست من باب التشريفات "زار واستهجن واستنكر" بل رسالة ذات مضمون اين؟ كيف؟ متى؟ لماذا؟ الناس تريد جواباً عما يقع حولها. صحيح أن الصمود والثبات هو الفعل السائد، ولكن المسؤولين رسائلهم وفعلهم واشاراتهم يجب أن تكون باتجاه تعزيز الصمود ووأد الاشاعة وتعزيز فهم الناس لما يدور حولها، والا فإن الرسائل المضادة ستكون سيدة الموقف.
الجميع يدرك أن الوضع الاقتصادي تدهور، والقدرة الشرائية تراجعت، والفقر والبطالة ارتفعا، وبالتالي فإن أي إضافة لهذا التدهور تطال إمكانيات الصمود وعدم الاستجابة لهذه التحديات هو كذلك، فالسؤال الملح: ماذا عن السياسات المالية والاقتصادية؟ وهل هي مستجيبة لحالنا وهمومنا.
في زاوية المقهى كان الجمع يتبادل أطراف الحديث: نحن على ابواب الذكرى السنوية لإصدار فتوى لاهاي بعدم شرعية جدار الفصل، وفتح النقاش لماذا لم ننجح بالاستفادة من تلك الفتوى واستثمارها، وذهب الأمر باتجاه تعزيز التضامن الدولي، خصوصاً عندما كان يوصف بالتضامن الأممي وخطواته العملية، الناس في بلدي خلاقة وتقرأ وتفكر، ولكنها بحاجة الى من يأخذها لمواجهة التحديات والإصرار على ذلك.
اليوم هناك تحول في الأدوار، ويجب أن نقف بمسؤولية أمام هذه التحولات، وبات ملحّاً ترسيخ مفهوم المدن المنيعة "المرنة" وتلك مسؤولية مركزية يجب في قلبها تمكين وإسناد البلديات لتقوم بدورها على خير وجه كونها الأقرب لجمهورها، وخصوصاً الإفراج عن مستحقاتها من ضريبة الأملاك ورسوم النقل على الطرق، ومنحها مساحة إضافية، صحيح هناك إبداعات لبلديات باتت عالمية المعايير، الا أن هذا الأمر يجب أن ينسحب على الجميع، بحيث لا يظل هناك من يتحدث فقط عن النفايات والصرف الصحي وغياب المشاريع.