الرئيسية » الاخبار »   01 كانون الثاني 2025  طباعة الصفحة

انكماش عام بنسبة 28% انهيار اقتصاد غزة وتراجع حاد بالضفة في 2024

قدر الجهاز المركزي للإحصاء، في تقرير صدر أمس، انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 28% في 2024، نتيجة انهيار تام للاقتصاد في قطاع غزة وتراجع حاد في الضفة.
وجاء في التقرير: "تواجه فلسطين كارثة اقتصادية، واجتماعية، وإنسانية، وبيئية، وصحية، وتعليمية، وغذائية أدت إلى انكماش القاعدة الإنتاجية وتشويه الهيكل الاقتصادي لفلسطين".
وأضاف: مع نهاية العام 2024، تشير التقديرات إلى استمرار الانكماش الحاد غير المسبوق في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 82%، رافقه ارتفاع معدل البطالة إلى 80%، كما امتد هذا التراجع إلى اقتصاد الضفة الغربية بنسبة انكماش 19%، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 35%، وفي المحصلة، أدى ذلك إلى تراجع الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 28% رافقها ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 51%.
ويشكل قطاع الخدمات 65% من الاقتصاد الفلسطيني، فيما تقتصر حصة القطاعات الإنتاجية الداعمة للنمو الاقتصادي على 20% فقط، ما يدلل على أن الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد متغير، ويتأثر بالصدمات بشكل كبير وقدرته على التعافي أسرع كونه اقتصاداً صغيراً.
وخلال العام 2024، وفقاً للتقرير، تراجع معظم الأنشطة الاقتصادية في فلسطين مقارنة بالعام السابق، حيث سجل نشاط الإنشاءات أعلى تراجع بنسبة بلغت 46% بواقع 38% في الضفة الغربية، و98% في قطاع غزة، لتبلغ قيمته 332 مليون دولار، تلاه نشاط الصناعة بنسبة تراجع 33% بواقع 30% في الضفة الغربية، و90% في قطاع غزة ليصل إلى 1.038 مليار دولار، ثم نشاط الزراعة بنسبة تراجع 32% بواقع 17% في الضفة الغربية و91% في قطاع غزة، وبقيمة وصلت إلى 564 مليون دولار، كما تراجع نشاط الخدمات بنسبة 27% بواقع 17% في الضفة الغربية و81% في قطاع غزة ليصل إلى 6.453 مليار دولار.

 

تراجع التجارة الخارجية
وأظهر التقرير تراجع التبادل التجاري لفلسطين مع العالم الخارجي بنسبة 11%، في 2024، إذ انخفضت قيمة صادرات السلع والخدمات بنسبة 13% لتصل إلى 2.677 مليار دولار، كما تراجعت الواردات بنسبة 11% إلى 9.069 مليار دولار مقارنة مع العام الذي سبقه.
وتشكل الواردات الفلسطينية أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة الصادرات، ما يعكس مستوى العجز المطّرد في الميزان التجاري الفلسطيني.
وكانت أكبر حصة وصل إليها التبادل التجاري مع العالم الخارجي في قطاع غزة في العام 2003 بنسبة بلغت 29% من إجمالي تجارة فلسطين، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى أقل من 4% خلال عدوان الاحتلال منذ تشرين الأول 2023، حيث إن توقف سلاسل الإمداد من وإلى قطاع غزة بشكل شبه تام، أدى إلى كارثة صحية وغذائية في جميع أنحاء قطاع غزة، نتيجة النقص الحاد في السلع الأساسية والأدوية والمستلزمات الصحية والمواد الغذائية، حيث يتم توفيرها بمستويات دنيا لا تتجاوز 5% من الكميات التي يجب أن تُقدم فعلياً إلى قطاع غزة.

 

تراجع مطّرد للتجارة مع إسرائيل
وأشار التقرير إلى انخفاض نسبة الواردات من إسرائيل عبر الزمن، حيث شكلت في العام 1996 حوالى 86% من إجمالي الواردات الفلسطينية بقيمة 3.184 مليار دولار، لتصل إلى 4.815 مليون دولار، بالرغم من انخفاض النسبة إلى 60% من إجمالي الواردات الفلسطينية.
في المقابل، بلغت نسبة الصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل في العام 1996، 94% من إجمالي الصادرات بقيمة 730 مليون دولار، لتتراجع في العام 2024 إلى 87% من إجمالي الصادرات الفلسطينية بقيمة 2.304 مليون دولار.

 

ارتفاع حاد للبطالة
وارتفع معدل البطالة في فلسطين ليصل إلى 51%، بواقع 35% في الضفة الغربية و80% في قطاع غزة، وبالمقارنة مع العام 2023 بلغ معدل البطالة في فلسطين حوالى 31% بواقع (18% في الضفة الغربية و53% في قطاع غزة).
كما انخفضت نسبة المشاركة في القوى العاملة في فلسطين خلال العام 2024 لتصل إلى 40% مقارنة مع 44% في العام 2023، فيما وصلت في قطاع غزة 36% بعد أن كانت 40% خلال العام 2023، وفي الضفة الغربية بلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة 43% مقارنة مع 47% خلال نفس الفترة.

 

اتساع الفقر
وقال التقرير إنه قبل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة كانت معدلات الفقر تتجاوز 63%، حيث يبلغ خط الفقر في فلسطين حوالى 2717 شيكلاً، فيما بلغ خط الفقر المدقع (الشديد) حوالى 2170 شيكلاً، "وبعد العدوان المستمر على قطاع غزة يمكن القول إننا تجاوزنا مفهوم الفقر، وأصبحنا نتحدث عن مستويات مختلفة من المجاعة وانعدام الأمن الغذائي، حيث تراجع إجمالي الاستهلاك بنسبة 24% بواقع 13% في الضفة الغربية و80% في قطاع غزة، ما يعكس الأثر المباشر على مستوى المعيشة لدى الأفراد في فلسطين، ورافق ذلك ارتفاع في معدلات البطالة في فلسطين.
وأضاف: بمعنى آخر، يمكن القول إن معظم الأفراد في قطاع غزة يعانون من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي.

 

ارتفاع غير مسبوق في الأسعار
على مستوى الأسعار في فلسطين، فإن النقص الحاد في السلع التي تدخل إلى قطاع غزة نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على القطاع، وما نتج عنه من تداعيات على الضفة الغربية، إضافة إلى تأثر فلسطين بالوضع الإقليمي، أدى، بشكل رئيس، إلى ارتفاع حاد في مستوى الأسعار في قطاع غزة بأكثر من 227%، ترافق ذلك مع ارتفاع أسعار المستهلك في الضفة الغربية بحوالى 3%، ما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية للمستهلك الفلسطيني خلال العام 2024 بنسبة 33%، بواقع 70% في قطاع غزة و3% في الضفة الغربية.

 

الشيكات
بلغ حجم التداول في الشيكات في فلسطين خلال العام 2023 حوالى 24 مليار دولار، في حين بلغت قيمة الشيكات الراجعة منها حوالى 1.5 مليار دولار بسبب عدم كفاية الرصيد، وخلال العام 2024 بلغ حجم التداول في الشيكات 17 مليار دولار حتى نهاية تشرين الأول، في حين بلغت قيمة الشيكات الراجعة لعدم كفاية الرصيد 1.4 مليار دولار، وهو ما يدلل على ارتفاع في نسبة الشيكات الراجعة من إجمالي الشيكات المتداولة من 6% خلال العام 2023 إلى 8% خلال العام 2024، كما أن الانخفاض في حجم المتداول من الشيكات في العام 2024 يعكس حالة الانكماش الحاد في الاقتصاد وخفضاً في مستويات السيولة.

 

توقعات 2025: سيناريو الأساس
وفقاً لسيناريو بقاء الوضع السياسي والاقتصادي في قطاع غزة كما هو دون وجود لأفق في حل كافة القضايا الحياتية في القطاع مع انخفاض حدة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع إلى توقفه، أي أنه امتداداً للوضع القائم خلال الربع الرابع من العام 2024 (سيناريو الأساس)، ما يعني استمرار الاقتصاد الفلسطيني في مواجهة قيود شديدة على الحركة التجارية والمعابر، مع توقف شبه كامل للأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة، بسبب الدمار الهائل الناتج عن العدوان الإسرائيلي، إلى جانب تعطل كبير في حركة العمالة الفلسطينية إلى إسرائيل، واستمرار الاقتطاعات من المقاصة، يتوقع التقرير ثبات الناتج المحلي الإجمالي بارتفاع طفيف نسبته 0.6% خلال العام 2025، مقارنة بانكماش حاد يُقدر بحوالى 28% في العام 2024، ما يشكل أحد أكبر حالات التراجع الاقتصادي في تاريخ فلسطين.
ورغم هذا النمو الطفيف المتوقع، إلا أنه لا يعكس تحسناً جوهرياً في الأداء الاقتصادي، بل يعزى بشكل أساسي إلى تأثير قاعدة المقارنة مع عام شهد انكماشاً غير مسبوق في مختلف القطاعات الاقتصادية.

 

سيناريو توقف الحرب وبدء الإعمار
أما وفقاً لسيناريو التعافي وبدء إعادة الإعمار، والذي يستند إلى فرضية توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما يتبعه من إجراءات على الضفة الغربية، وبدء العودة التدريجية للوضع السياسي عما كان عليه قبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والعودة التدريجية للوضع الاقتصادي بالحد الأدنى لضمان توفر المستلزمات المعيشية الأساسية لقطاع غزة، وبما يشمل عودة الوضع الاقتصادي كما كان عليه في الضفة الغربية قبل 7 تشرين الأول 2023، يتوقع "الإحصاء" ارتفاع مستوى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19.6% خلال العام 2025 مقارنة مع العام 2024، ما يعني ارتفاع نصيب الفرد بنسبة 16.9%، وارتفاع إجمالي الاستهلاك (الخاص والعام) بنسبة 24.6%، مقارنة مع العام 2024.
على مستوى الأنشطة الاقتصادية، من المتوقع ارتفاع في نشاط الإنشاءات بنسبة 74.2%، وأنشطة الزراعة بنسبة 58.0%، وأنشطة الخدمات بنسبة 7.7%، وأنشطة الصناعة بنسبة 1.9% وذلك خلال العام 2025 مقارنة مع العام 2024.
كما من المتوقع، وفقاً لهذا السيناريو أن تنخفض البطالة لتصل إلى 43.3% خلال العام 2025 مقارنة مع 51.2% خلال العام 2024.

 

سيناريو متشائم
يستند هذا السيناريو إلى مزيد من التدهور في الوضع السياسي والاقتصادي في فلسطين واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بنفس الوتيرة وزيادة حدته في الضفة الغربية حتى نهاية العام 2025، ما يعني فرض المزيد من العراقيل والحواجز والتضييق التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي بين محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة على حركة الأشخاص والبضائع، وبينها وبين العالم الخارجي، وتدمير البنى التحتية، والمزيد من اقتطاعات المقاصة، يتوقع "الإحصاء" مزيداً من تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.5% خلال العام 2025، ينتج عنه انخفاض نصيب الفرد منه بنسبة 7.6%، وارتفاع إجمالي الاستهلاك (الخاص والعام) بنسبة 1.2%، مقارنة مع العام 2024.
على مستوى الأنشطة الاقتصادية، من المتوقع انخفاض في نشاط الإنشاءات بنسبة 21.4%، وأنشطة الصناعة بنسبة 14.8%، وأنشطة الخدمات بنسبة 6.6%، وأنشطة الزراعة بنسبة 5.9% وذلك خلال العام 2025 مقارنة مع العام 2024، فيما تتجاوز البطالة 53% خلال العام 2025.