كتب عيسى سعد الله:
باتت بسطة المبيعات الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام سكان شمال قطاع غزة، للنجاة من جحيم الفقر والعوز، في ظل انعدام العمل، وتوقف برامج التوظيف.
ولجأ آلاف المواطنين الذين بقوا في المنطقة، ونازحون عائدون، إلى إنشاء بسطات في أي مكان بالمنطقة، بعد أن امتلأت بالمواطنين أملاً بأن تكون مصدراً جيداً للدخل، في ظل انعدام فرص العمل.
ويكاد لا يوجد متر مربع واحد في معظم المناطق التي لم يطلها دمار كبير، الا وفيه بسطة تتكدس عليها بضائع وسلع دخلت مجدداً، كانت قوات الاحتلال قد حرمت مواطني شمال غزة منها منذ اليوم الأول لعدوانها على القطاع، قبل نحو 16 شهراً.
وقال المواطن يوسف الخيري إنه أنشأ بسطة على جانب شارع الجلاء، وسط حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، بعد يومين فقط من عودته من جنوب القطاع، لانعدام فرص العمل.
وأشار الخيري إلى أنه ورغم ضعف الجدوى الاقتصادية للبسطات الآن، بسبب كثرتها واشتداد المنافسة، إلا أنها تبقى أفضل من لا شيء، مقدراً أرباحه اليومية بنحو أربعين شيكلاً فقط.
وأوضح أنه ومع انخفاض الأسعار بشكل كبير، يبقى هذا المبلغ جيداً في هذه الفترة، ولكنه أبدى خشيته من انعدام جدوى مثل هذه البسطات مع تدفق المزيد من المساعدات على المنطقة.
ويشاركه الرأي إبراهيم أبو ناجي، صاحب بسطة أخرى في نفس المنطقة، أن البسطات في المنطقة قبل عودة النازحين كانت محدودة، وتقتصر على مناطق معينة، وبشكل خاص أمام مراكز الإيواء، ولكنها ومنذ أسبوع ملأت جميع المناطق والشوارع والطرقات.
وبيّن أن زيادة عدد البسطات أدى إلى انخفاض كبير في الأرباح، لكنه أكد أنه لا غنى عنها في ظل انعدام فرص العمل.
وأشار أبو ناجي إلى أن البيع من خلال بسطة محدودة الحجم، هو الفرصة المتاحة أمام العاطلين عن العمل، والباحثين عن مصدر رزق.
وتوقع أن تشهد الأيام القادمة انخفاضاً ملموساً في أعدادها بسبب انخفاض جدواها، مع استمرار تدفق المساعدات، وزيادة شدة المنافسة.
وقال إن أسعار أصناف كثيرة من السلع هوت بشكل كبير، وبالتالي أصبحت أرباحها ضئيلة جداً.
من جهته، برر المواطن بلال عبد المنعم فتح بسطة الآن بانخفاض تكلفتها مقارنة مع الأيام التي سبقت عودة النازحين، وقال إن فتح البسطة قبل شهر كان يحتاج إلى آلاف الشواكل بسبب ارتفاع الأسعار، ولكنها الآن لا تحتاج أكثر من ألف شيكل بسبب انخفاض الأسعار، وإدخال مئات السلع الجديدة.
وأوضح عبد المنعم، الذي كان يعمل في أحد المطاعم الشهيرة بمدينة غزة، أنه لجأ إلى البسطة مضطراً، لعدم وجود أمل بعودة المطعم للعمل بعد أن دمرته قوات الاحتلال بشكل كامل.
وأكد أن الأرباح بدأت بالانخفاض مقارنة مع بداية عودة النازحين، بسبب ارتفاع أعداد البسطات، واشتداد المنافسة والانخفاض المتواصل في الأسعار، الذي يصل إلى مرتين أو ثلاث مرات في اليوم.
وتوقع عبد المنعم، في الأربعينيات من عمره، أن تبقى البسطات مصدراً مهماً للدخل بسبب عودة أعداد هائلة من النازحين، وغياب النظام التجاري التقليدي، كالبقالات، بسبب تدمير غالبيتها خلال فترة العدوان.
ويتمنى عبد المنعم أن تمنحهم الجهات المختصة والبلدية الفرصة للعمل من خلال هذه البسطات العشوائية، والتمهل في تنظيم الأسواق لحين توفر فرص عمل أخرى.