متى نردع مرّوجي الأغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية؟
صلاح هنية*
تتصدر عمليات ضبط كميات كبيرة من الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية والمستوطنات العناوين والتقارير الإعلامية، ما دفع هذا الموضوع إلى أولويات اهتمام الرأي العام الفلسطيني قلقاً على سلامة غذائه ودوائه، وتخوفاً من أن تكون تلك منتجات فلسطينية.
تخوفات المواطنين واهتمامهم الكبير لن يوضع لهما حد دون إجراءات قانونية واضحة صارمة تعتمد عقوبة رادعة، وأن يقوم القضاء بنشر أسماء المتورطين في الملف ونوع العقوبة، ويترافق هذا مع ضرورة أن تتم عمليات الإتلاف أمام كاميرات التلفزة والإعلام المقروء والمسموع، ليتأكد الرأي العام من سلامة الإجراء، وحتى لو تم تخزين هذه المضبوطات، فلا مانع من توثيقها إذا رغب الإعلام في ذلك حتى تظل الأمور في نصابها، وهذا يتطلب التعامل مع هذه القضايا باعتبارها جناية، وليس كما ينص قانون الصحة العامة بأنها جنحة، ويجب أن يتم العمل بمقتضى بند العقوبات في قانون حماية المستهلك رقم 21 للعام 2005.
يجب أن يكون معروفاً أن حبل الإجراءات القانونية طويل في هذا الملف، إذ ما زالت هناك قضايا منظورة منذ العام 2006، وما زال مفتش التموين أو الصحة أو كلاهما يذهبون للادلاء بشهادتهم في المحاكم للتأكد من دقة عملية الضبط، ما يؤدي إلى ازدحام قضائي في هذه القضايا، الأمر الذي لا يشكل رادعاً لضعاف النفوس من تجار الأغذية الفاسدة.
ويجب أن تزيل الجهات المسؤولة أي تخوفات من ان المضبوطات منتجات فلسطينية من خلال اظهار الاحصاءات التي تقول إن العام 2012 تم ضبط 1023 طناً من الاغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية من المستوطنات والمنتجات الإسرائيلية مقابل 62 طناً من السوق الفلسطينية، وليس من مصانع أو منشآت صناعية معتبرة، ولكن ضمن عمليات إعادة تغليف أو تخزين غير جيد أو غش تجاري، وهذا يزيل الغمامة عن جودة المنتجات الفلسطينية التي تخضع لثماني جهات رقابية.
يجب أن نكون صادقين مع انفسنا أولا أن عدد الكوادر الرقابية لا يفي باحتياجات ومتطلبات تأمين سلامة الغذاء والدواء وهذا لا يقلل من شأنهم أو من أهمية جهدهم، ويجب أن يتحول هذا إلى عامل ضغط على وزارة المالية في الموازنة من أجل توظيف كوادر اضافية لترفد العمل الرقابي في وزارة الصحة والاقتصاد الوطني والزراعة، ويجب النظر بجدية للتجهيزات، حيث ما زلنا بحاجة لتزويد المختبرات المركزية بأجهزة لفحص المواد الكيماوية، وهذا امر بالغ الاهمية مثل مخلفات الأسمدة الزراعية في الخضار والفواكه وغيرها، ونحتاج إلى تكامل الأدوار وعدم إلقاء اللوم من وزارة على أخرى، بل يجب أن يتم التكامل في الادوار كمسؤولية الكشف عن المبيدات الزراعية في الخضار والفواكه هل هي مسؤولية وزارة الزراعة أم وزارة الصحة أم كلتيهما، وذلك بالطبع على قاعدة تكامل الأدوار؟
جمعية حماية المستهلك الفلسطيني ذات دور مهم في هذا الملف، وليست معفاة من مسؤوليتها من خلال التوعية، واسناد فرق الرقابة، ودفع كافة مؤسسات المجتمع المدني لتكون ظهيرا في الكشف عن الاغذية الفاسدة، رغم انها ليست جهة انفاذ قانون ولكنها جهة توعية، وجهة تأثير وضغط، وجهة تحويل القضايا إلى قضية رأي عام، حتى نتمكن من الحد منها، وبالتالي فإن رسالتها الواضحة يجب أن تعلنها، وهي الدفاع عن المستهلك الفلسطيني وحماية مصالحه ليس من باب التهريج والإثارة غير الموضوعية، وبعيداً عن المهادنة المصلحية.
في هذا الخضم نتمنى على الدكتور جواد ناجي وزير الاقتصاد الوطني الذي قطع لنا تعهدا في إحدى ورش عمل جمعية حماية المستهلك في رام الله، انه سيضطر لاعلان قائمة سوداء باسماء مروجي الاغذية الفاسدة كجزء من منع ومحاربة هذه الظاهرة، وما زلنا ننتظر هذا الاجراء الذي سنكون جاهزين للالتفاف حوله ومناصرته بكامل المسؤولية الوطنية. وتعهد وزير الاقتصاد الوطني بمواصلة الضغط ليصبح بند العقوبات في قانون حماية المستهلك الفلسطيني هو النافذ للعقوبات في القضاء على قضايا الاغذية الفاسدة.
ويبقى خبر القبض على الاغذية الفاسدة يحتل موقعاً مركزياً في الإعلام الفلسطيني واهتمامات الرأي العام الفلسطيني.
*رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني
تاريخ نشر المقال 25 شباط 2013