كي يصبح دعم المنتج الفلسطيني نمط حياة؟
بقلم: صلاح هنية*
الحديث عن دعم وتمكين المنتجات الفلسطينية بدأ وكأنه حديث عن عالم لا نعرف عنه شيئا، الجميع متفاجئ من هول الصاعقة التي وقعت على رأسه اننا نستهلك ما يقارب 4.2 مليار دولار سنويا من المنتجات الإسرائيلية.
جوهر المشكلة أن الجهات الحكومية المتخصصة بدعم وترويج المنتجات الفلسطينية تعتقد انها قطعت شوطا كبيرا في حملة دعم المنتجات الفلسطينية وبقيت جزئية صغيرة جدا هي المفتاح السحري "وعي المستهلك" و "سلوكه الاستهلاكي ".
جوهر المشكلة أن الجهات الحكومية المتخصصة بدعم وترويج المنتجات الفلسطينية تعتقد انها قطعت شوطا كبيرا في حملة دعم المنتجات الفلسطينية وبقيت جزئية صغيرة جدا هي المفتاح السحري "وعي المستهلك" و "سلوكه الاستهلاكي ".
سافترض أن المستهلك هو المفتاح السحري في المسألة ولتتبع هذه الفرضية دعونا نضع الحقائق التالية بين اياديكم:
مشتريات المؤسسات الحكومية التي تتم ضمن عروض أسعار وطرح عطاءات من قبل دائرة اللوازم العامة في وزارة المالية تصل إلى 300 مليون شيقل سنويا، وظل الجهد ينصب باتجاه جعلها خالصة من "صنع في فلسطين" الى أن اقرت الحكومة الثالثة عشرة قرارا حكوميا بمنح علامات اضافية لأي منتج فلسطيني يتنافس 15 علامة إضافية شريطة أن تكون مدخلات إنتاجه 40% فلسطينية، كم من السنوات اهدرنا ونحن نبتاع من المستورد الذي نافس وينافس المنتجات الفلسطينية وبعض المنتجات التي اعتقدنا ان بديلها الفلسطيني غير موجود؟
هناك العديد من السلطات المتخصصة الحكومية التي ينصب جل عملها على المنح من المانحين لاقامة مشاريع بالملايين وتستسهل هذه السلطات المتخصصة الحكومية الأمر حتى لا تقع في دائرة تعقيدات الموانئ فلا تبتاع مستلزمات مشاريعها من وكيل فلسطيني معروف ومسجل في سجل الشركات ويدفع ضريبته بانتظام، وتفترض أن المنتجات الفلسطينية لا تطابق المواصفات للجهة المانحة "، وقد تدخلت شخصيا لقبول منتج فلسطيني في احدى بلديات المدن الكبرى الذي رفضه المهندس الفلسطيني المختص الموقع على عهد نقابة المهندسين بدعم المنتجات الفلسطينية فقط لمجرد الرفض".
على سبيل التندر ....
هاتفني أحد مديري كبرى المصانع وشكا لي أمر شركته وحال العطاءات والتستر خلف شروط المانحين كما يقولون.
قلت له: يتركون هذا الملف ويقولون إن "وعي المستهلك" المعضلة في دعم المنتجات الفلسطينية.
فضحك وقال لي: دعنا نعتبرهم مستهلكا في مؤسساتهم وبنود عطاءاتهم ونقول لهم "انتم مستهلكون كبار ضمن أسواق منظمة يجب أن تكون سهلة الدخول للمنتجات الفلسطينية ونقول لهم "وعيكم وعيكم ".
في الوطن باتت لدينا حملات واقصد كلمة حملات لأنها تصعد وتهبط بين فينة وأخرى، وهذه الحملات تعلن إرادة باتجاه دعم المنتجات الفلسطينية عالية الجودة وذات السعر المنافس، الا أن هذه الحملات لا تراكم على بعضها البعض ولا تستفيد مما انجزته الحملة الأخرى، ولا يعذرون بعضهم البعض فيما قصروا فيه بل أن كل حملة تريد جر الحملة الأخرى إلى مربعها وما دونه لا قيمة له.
في الوطن اليوم لا يلعب الاعلام دوره المفروض أن يلعبه من خلال "كشف وفضح" اي جهة تقصر بدعم المنتجات الفلسطينية وهي قادرة على أن تدعمه وتزيد حصته السوقية، فضح " بمعنى كشف واعلان قوائم سوداء" لكل من يتاجر بأغذية الموت الفاسدة والمنتهية الصلاحية والمهربة وغير المطابقة للمواصفات والذين يحجمون عن سابق القصد والترصد عن استخدام المنتجات الفلسطينية، لماذا يحجم الاعلام عن هذا الدور ولا يقيم له وزنا؟
لماذا لا يقوم الاعلام بدوره في المساءلة والمكاشفة ويضع كل مسؤول أمام مسؤولياته؟ ماذا فعلت اليوم لتدعم المنتجات الفلسطينية؟ هل وقعت قرارا اليوم يقضي بتشجيع المنتجات الفلسطينية؟
معظم القضايا التي تناقش في المؤتمرات والورش فيما يتعلق بتنمية الصادرات أو زيادة حصة المنتجات الفلسطينية في السوق الفلسطيني أو احلال المنتجات الفلسطينية تكون بحاجة إلى جرة قلم صغيرة تخرج بقرار ملزم بهذا الاتجاه أو ذاك، ولكننا غالبا نذهب صوب هذه المؤتمرات والورش وننسى أقلامنا وأوراقنا المؤهلة للتوقيع والتوقيع عليها، ونلقي بالكرة في ملعب "وعي المستهلك" وضرب امثلة على صعوبة اقناع اولادي ان يأكلوا بوظة فلسطينية وبعد طول جهد فعلوها، وحديث عن أشباح تغرق سوقنا بالأغذية الفاسدة التي يعاد تغليفها وتزوير تاريخها ".
لماذا لا تقوم جهة رقابية متخصصة بزيارة مفاجئة لموقع مشروع قيد الانجاز لصالح اي وزارة من وزارات دولة فلسطين وتطلع على حجم استهلاك الدهانات والالمنيوم والأنابيب البلاستيكية وأبواب الأمان الحديدية غير المصنعة في مصانع فلسطينية؟ ولتطلع هذه الجهة ايضا على بنود عطاء من العطاءات في قطاعات مختلفة كيف توصف بصورة تساهم بالذهاب بعيدا عن المصنع والمستورد الفلسطيني وتغلق بابا أمام مستورد فلسطيني معروف بدفع ضرائبه ويوظف ابناء الوطن.
إن فرص العمل المفترضة في حال زادت حصة المنتجات الفلسطينية في السوق الفلسطيني كلام جميل، ولكنه بحاجة إلى قليل من القطران من خلال فتح أسواق جديدة أمام المنتجات، والاستفادة من اتفاقيات الاعفاءات الجمركية للمنتجات الفلسطينية، وتفعيل دور السفارات الفلسطينية في العالم لتولي الملف الاقتصادي أهمية اكبر وألا يقتصر دورها على تأمين مشاركة الوفد الرسمي في معارض عالمية ويترك الصناعين ورجال الأعمال في المطار يدبرون أمورهم بأنفسهم.
وحديث القلب للقلب أسوقه للمستهلك الفلسطيني ....
لقد أثقل كاهلك ايها المواطن، فأنت ذاتك مطالب بتشجيع المنتجات الفلسطينية، ومطالب بحماية الارض الفلسطينية من الاستيطان، وانت ذاتك مطالب بلجان الحماية من اعتداءات المستوطنين، وأنت ذاتك الملزم بتدبير أمور علاجك إذا مرضت، وأنت ذاتك المطالب أن تتحمل مسافات السفر التي تضاعفت اعباؤها النفسية، وإن تساءلت: لماذا عطشنا في الخليل وبيت لحم الصيفين الماضيين واضطررنا لشراء صهاريج المياه بـ 400 شيقل واحيانا 600 شيقل تكون مذنبا.
ورغم ذلك أن حديث القلب للقلب للمستهلك الفلسطيني اقوله دع سلة مشترياتك الشهرية تعج بالمنتجات الفلسطينية .... عود التاجر انك لا تشتري الا فلسطيني ... علّم اطفالك ألا يشتروا إلا فلسطيني ...
ونعم للمنتجات الفلسطينية عالية الجودة وذات السعر المنافس.