الرئيسية » الاخبار »   09 أيار 2014  طباعة الصفحة

لا لخصخصة قطاع المياه في فلسطين ... بقلم: صلاح هنية

 

اجزم أن سلطة المياه ووزارة الحكم المحلي لديهما الكثير مما يفعلانه في قطاع المياه أبعد بكثير من قضية مذكرة تفاهم لتركيب عدادات مياه مسبقة الدفع أثبتت فشلها في كل الدول التي استخدمت فيها خارج الدول العربية، وهذا حكم مطلق لن أتراجع عنه، وادعو الرئيس محمود عباس الى وقف هذه المأساة القادمة على الفقراء ومحدودي الدخل في فلسطين، وهي تذهب باتجاه المناطق الأكثر تضررا من الاستيطان وجدار الفصل وسياسات الاحتلال لتزيد همهم هما.
بدلا من أن تتفرغ وزارة الحكم المحلي لدورها المنصوص عليه في قانونها ونظامها الداخلي تذهب باتجاه إدارة قطاع المياه والكهرباء وترفض الانخراط في شركات الكهرباء الإقليمية وترفض الانخراط في مصالح مياه إقليمية أوجبها القانون، ولا تريد تشجيع المنتجات الفلسطينية في مشاريع المياه والصرف الصحي عبر مشاريع هيئات الحكم المحلي التي تذهب غالبيتها لمنتجات غير فلسطينية وليست مستوردة عبر وكيل فلسطيني مسجل ويضخ أموالا في الاقتصاد الفلسطيني ويتبرع لوقفية القدس مثلا.
اعلم علم اليقين أن مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والمائية تراخت ولم تؤد دورها بخصوص قناة البحرين وحقيقة وجود مصلحة فلسطينية في زيادة حصتها المائية، بالتالي عندما وجدت سلطة المياه الميدان خاليا لأبو حميدان لبس عباءتها وقال، هيا بنا نركب عدادات المياه مسبقة الدفع ونزيد عبء المواطن ونحل مشكلة 375 هيئة حكم محلي تدير قطاع المياه، كل على ليلاه، فنحل مشاكلهم المالية واذهبوا فأنتم الطلقاء.
أعلم علم اليقين أن مؤسسات محافظتي بيت لحم والخليل تراخت وتلكأت لتحميل سلطة المياه مسؤوليتها الحقيقية ومساءلتها عن أزمة المياه المتكررة في الخليل وبيت لحم، لم تتم مساءلتها على فشل برامج الصيانة للمضخات وتكرار هذه الصيانة مرة تلو مرة وقص شريط الصيانة مرة وراء مرة، وسياسة بيع الصهاريج طوال الصيف من ذات الآبار التي تحتاج مضخاتها للصيانة، ونشوء تجارة المياه التي استقطبت سياسيين ومناضلين سابقين وحاليين. لذلك انقضت علينا سلطة المياه الفلسطينية لتعلن تفاهمات لتركيب عدادات المياه مسبقة الدفع.
اعتقد أن سلطة المياه ووزارة الحكم المحلي يجب أن تبذلا جهدا أكبر على حساب الجهد الضائع في العدادات، ألا يوجد ضغوط واشتراطات احتلالية لاستخدام مشترك لمكبات النفايات بين الفلسطينيين والمستوطنين، واشتراطات لاستخدام مشترك لمحطات تنقية المياه العادمة، هيا، هناك المعركة الحقيقية.
اعرف تماما أن وراء العدادات مسبقة الدفع تجارة رائجة سيكون وراءها أبطال يتم اكتشافهم بعد سنوات من إنجاز تركيب هذه العدادات، وفجأة ستزدهر شركة جديدة وستطل وجوه أصحابها في نوادي رجال الأعمال الجدد في فلسطين، وسيجتهد المروجون لتأليف ملف نضالي زاخر لهم، وسيحولونهم لرجال خير وإصلاح ورعاة نشاطات خيرية، العدة اللازمة للظاهرين الجدد على خارطة الأعمال والمال.
اعلم علما موثقا أن رؤساء البلديات والمجالس القروية هم اسعد الناس بهذه العدادات "أي هو احنا بطلعلناش يصير عنا موازنات جديدة بطريقة أسهل".
وما خطب وزارة الحكم المحلي تذهب بهذا الاتجاه ألا يوجد لديكم ما هو أهم من عدادات الدفع المسبق للمياه، أليس هم جوريش ومسافر يطا وقبيا وقصرة وقريوت والديوك والنويعمة اهم بكثير لتوجيه جهدكم باتجاه المناطق الأكثر تضررا من الاستيطان وجدار الفصل وسياسات الاحتلال، لماذا تشكو وتتذمر البلديات والمجالس القروية في محافظة طولكرم، أليس الأجدر التعاطي مع هذا التذمر بدلا من الإصرار على عدادات المياه مسبقة الدفع.
الخطر الآتي من عدادات المياه مسبقة الدفع كبير وسيكون مقدمة لإجراءات جديدة إذا تراخت جمعية حماية المستهلك، ومؤسسات المجتمع المدني، والإعلام.
العدادات مقدمة لخصخصة قطاع المياه بصورة تضر بمصالح الفقراء ومحدودي الدخل.
العدادات إجراء استباقي قبل المصادقة على قانون المياه من قبل الرئيس والذي سينظم قطاع المياه في فلسطين إذا خلصت النوايا.
العدادات تحول المياه إلى سلعة، بمعنى صريح "تخيل انك ستضع عملة معدنية مالية في الحنفية قبل أن تشرب كوب الماء وقبل أن تغمر الأرز بالمياه لطهيه، وعليك أن تتخيل انه لا يوجد مياه في الحنفية بعد دفع مالك"... وتخيل انك تريد أن تضع العملة المعدنية في الحنفية ولكنك لا تمتلكها، وضع نفسك مكان من لا يستطيع أن يشرب.
العدادات ليست صديقة للفقراء ومحدودي الدخل ووزارة الشؤون الاجتماعية لا يوجد لديها قرار بخصوص إعفاء حالات الشؤون الاجتماعية من الحد الأدنى للمياه.

 
تاريخ نشر المقال 10 أيار 2014