نحو تغير الصورة النمطية عن القطاع الخاص لدى المواطن
بقلم: صلاح هنية
قد يبالغ البعض في خصامه للقطاع الخاص الفلسطيني، ويكون هذا الخصام ليس مبررا بل هو خصام افتراضي من البعض الذي يريد أن يصنف اما منحازا للفقراء والشغيلة، أو أنه يريد أن يضع نفسه في موقع لم يسأل حول رأيه أساسا، أو لأنه من الغالبية العظمى فإنه يعاني الأمرين من الارتفاع والتلاعب بالأسعار وعدم وضوح تركيبتها، فيذهب باتجاه مالنا ومال القطاع الخاص.
وحتى تكون الصورة أكثر وضوحًا، فإن القطاع الخاص ليس كتلة واحدة موحدة، وهو ليس خيرًا مطلقًا وليس شرًا مطلقًا، مثله مثل الحركة الطلابية والحركة العمالية وغيرها، النظرة العامة أن القطاع الخاص وجد ليربح وهذا حق مشروع وهو يمتلك حاسة شم عن بعد لمواقع الاستثمار الناجح والرابح، وهو ايضا يمتلك قدرة عالية على التنافس وتنافسية خدماته، والحالة العامة أنه يعمل ضمن نطاق القانون والعمل الواضح والمشروع.
إلا أن بعض الصور تجعل المعترضين يأخذون الأمور بالجملة وهذا تعميم خطير وغير مقبول، خصوصا بعد ضبط أغذية فاسدة أو مزورة تواريخها أو مزورة شهادة منشأها، وهنا يقع الظلم بحق القطاع الخاص والمستهلك عندما لا يعلن عن أسماء مفسدي غذائنا وهوائنا وبيئتنا وعندما لا يؤخذ قرارا قضائيا مستعجلا بخصوصهم ليوضع حد لدائرة الشك والتعميم الظالم.
وتغيب في هذه الاوضاع قصص النجاح والتفوق في خط انتاج أو أخذ اسم علامة عالمية وانتاجها فلسطينيا والتفوق في الانتاج على مستوى واسع حسب اشارات الشركة العالمية، وقصص نجاح من عيار فرض المنتج الفلسطيني في السوق دون الايحاء بأنه لمجرد كونه فلسطيني يجب شراؤه بل لأنه عالي الجودة وسعره منافسا فرض نفسه ونال رضى المستهلك، وهناك قصص نجاح عديدة في الصناعة والتجارة والانتاج الزراعي وغيرها، الا انها تتاثر بالانطباع السائد.
ماذا فعلنا نحن؟
في مؤسسة الراصد الاقتصادي اولا وفي مؤسسة جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة عملنا على دفع القطاع الخاص إلى أن يعمل على تغيير الصورة النمطية عنه ( وهذا لا يعني موافقة على الصورة النمطية)، وقلنا لهم عليكم أنسنة العلاقة مع المجتمع المحلي وعدم تعميق الصورة بأن العلاقة هي فاتورة يذهب الزبون لدفعها، أو انها سلعة معروضة خذها أو ارحل بسلام، أو انها خيار واحد لا انفكاك عن سعره لأننا نستورد التضخم.
قلنا لهم عليكم العناية بوحدات العناية بالزبائن بحيث لا تكون هذه الوحدة كمسجل يكرر نفسه امام الزبون دون تغير أو تعديل أو اقتناع مرة بحق الزبون.
قلنا لهم عليكم تنظيم حملات ترويجية تعمق العلاقة مع المستهلك على لا تكونوا بديلا عن التاجر.
قلنا لهم عليكم ابراز الجهد الذي يبذل في تثبيت وكالة عالمية في السوق الفلسطيني، عليكم إن تبرزوا معاناتكم لتثبيت الحركة التجارية الصناعية في القدس المحتلة.
قلنا لهم مارسوا ما تقتنعون به أن الزبون دائما على حق ولا تخلقوا تفاوتا في الأسعار بين حارة وحارة ومدينة ومدينة ومحافظة ومحافظة.
قلنا لهم رمضان فرصة ذهبية لتوطيد العلاقة مع المستهلك لأنسنة العلاقة وفتح بوابة جديدة من خلال حملات حقيقية وعروض حقيقية.
قلنا لهم فاتورة يجب أن تكون مبررة ومفسرة وواضحة لم يعد الزبون يحتمل هذا التعقيد والطلاسم في الفواتير، فتارة يقال المياه مدعومة من الحكومة، وتارة نسمع خطاب انها في هذه المحافظة تباع بأقل بكثير من السعر المدعوم، وفي محافظة أخرى تباع بأكثر.
قلنا للهم لا تعطوا ايحاءات انكم تبحثون عن دعما حكوميا وضحوا انفسكم انكم تطالبون بحقوق متأخرة لكم على الحكومة، وانكم عندما تناقشون ملف الضرائب فإنكم تسعون لاستقرار السوق وعدم ارتفاع الاسعار، قولوا بصوت مرتفع انكم ضد التهرب الضريبي وتبرؤوا ممن يمارسونه.
انصافا ....
هناك العشرات ممن تجاوبوا وقاموا بخطوات مهمة، وعقدنا عددا من ورشات العمل لفتح نقاش حول قطاعات بعينها لفكفكة العلاقة بين القطاع الخاص والمواطنين بصورة تغير الصورة النمطية وبصورة تفتح آفاقا لرؤية صورة القطاع الخاص لدى المواطنين، وحاولة منا لوضع الأوراق على الطاولة ليسمعوا بعضهم البعض، وحتى أن الغضب يطال الجهات الجكومية التي تنظم القطاعات المفصلية التي تمس حياة المواطن لأنها لا تضغط بذات الجهد الذي نبذله نحن بكل تواضع.
لننجح معا في تغير الصورة النمطية عن القطاع الخاص في ذهن المواطن الفلسطيني ولنكتب معا قصة نجاح، ولننتصر للقطاع الخاص متى لزم الأمر حتى ننتصر لحقوق المستهلك اولا بأول.
*جمعية حماية المستهلك الفلسطيني