الرئيسية » الاخبار »   22 حزيران 2014  طباعة الصفحة

«التواليت الأخضر».. هل تدفع الأوضاع الاقتصادية السيئة الفلسطينيين للمغامرة بصحتهم؟!

 خاص بموقع كسرة- فلسطين المحتلة

تنتشر في الضفة الغربية أنواع مختلفة من الورق الصحي، لكن أبرزها والذي يثير جدلاً، هو الورق «الأخضر» المعروف بأنه أقل أنواع الورق ثمناً وأكثرها استهلاكاً في جنوب الضفة.

ويقول مدير أحد مصانع الورق الصحي في الخليل ماهر الهيموني: إن «الورق الأخضر ينتشر في السوق رغم أنه غير صحي، وسعره مثل بعض الأنواع الأخرى التي تفوقه جودة».

«عائلتي تستخدم الورق الأبيض لكن ليس من منطلق صحي» يضيف الهيموني، الذي أكد وجود ثلاثة أصناف مختلفة من هذا النوع.

1

 

وينتشر في السوق الفلسطيني، منذ فترة طويلة، نوع من ورق التنشيف الذي يحمل عدة ألوان، يعرف بأنه أسوأ الأنواع من ناحية الجودة، والأقل سعراً، بل ويصنفه آخرون على أنه ضار صحياً، لكن الطلب عليه بقي كما هو، وله زبائنه بشكل كبير.

وتقوم عملية صناعة الورق الصحي الأبيض على الأوراق البيضاء «كالتي تستخدم في الطباعة»، والكرتون خفيف الوزن، حيث تسهل إعادة تدويره ولا ضرر منه.

6

 

ويبين الهيموني أن أحد أنواع الورق يُستورد من مصانع إسرائيلية في منطقة «كريات جات» وتعيد إنتاجه مصانع ومشاغل صغيرة في الضفة الغربية، وهذا الورق سيء للغاية وجودته معدومة وغير صحي أبداً، لأن مادته الخام مصنعة من الكرتون وورق الصحف المكرر، لكنه غير مكلف اقتصادياً وأرباحه أكثر.

ويشاهد في الأسواق أنواع مختلفة من الورق تحمل ألوانا أبرزها الأخضر والبرتقالي والوردي والأصفر، وتنتشر بين الناس إشاعات تفيد بأن اللون يدل على جودة أفضل خلافاً للحقيقة، حيث يقول الهيموني وهو المختص في هذه الصناعة: « الورق الجيد لا يحتاج إلى ألوان تخفي عيوبه، ولا يحتاج هذه الألوان إلا الورق الرديء جداً، حيث تساعد الألوان التي تحتوي مواد كيميائية بنسب مرتفعة على إذابة الورق المكرر، وتسهل إعادة تدويره».

11

 

ويقول المواطن سالم عودة إنه مستهلك للورق الأخضر ولم يشعر بأنه ضار حتى الآن، ويبرر سبب تمسكه بهذا النوع بأنه رخيص الثمن وأكثر وزناً، ولم يفكر بأن الأنواع الأخرى أفضل أم لا.

ويضيف: إن غياب التوعية من المنتج والجهات الرسمية تجعل من إشاعة، تحولت إلى حقيقة بين الناس حول هذا النوع من الورق، غير قابلة للنقاش.

ويعلق الهيموني: إن الورق الأبيض أكثر تكلفة ويباع بسعر الورق الأخضر؛ وذلك لأنه من متطلبات السوق.

ويربط بأن هناك تراجعاً ملحوظاً في استهلاك الورق الأخضر، لكن الناس يظنونه أكثر وزناً، وبالتالي أفضل، ولا يهتمون بطوله حتى وإن كان وزنه أقل.

ويبلغ وزن الورق الأخضر بالنسبة للمتر 36 غراماً، والورق الأبيض 17 غراماً، ما يعني أن الأبيض أطول وأخف لكنه في أغلب الأحيان يكون مضغوطاً.

2

 

وللورق الأخضر أضرار تنعكس على جسم الإنسان لما يحتويه من مواد كيميائية، ويقول طبيب الأمراض الجلدية والتناسلية حسين السلوادي: «مادام الورق المستخدم ملوناً، فهذا وبحكم خبرتي، التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً، ضار صحياً، لأنه قد يسبب الإصابة بـ «الأكزيما» أي حساسية الجلد».

ونصح السلوادي باستخدام الورق الأبيض في التواليت شريطة أن يكون ناعم الملمس، مؤكداً أنه كلما توفرت فيه الشروط الصحية وزادت نعومته، قلّت احتمالية الإصابة بالأكزيما.

ويشير إلى أنه خلال عدة حالات عرضت عليه من مرضاه، كان ورق التواليت غير الصحي سبباً في إصابتها بالحساسية، وذلك لاحتواء الألوان مواد كيميائية بنسب عالية، وبعد توقف هؤلاء المرضى عن استعمال هذا الصنف من الورق، خاصة في محيط الشرج والأعضاء التناسلية، تحسنت صحتهم، لكنه يرفض التعميم في هذه الحالات.

5

 

وخلال التدقيق والاستفسار حول مكونات الورق الأخضر، تبين أن إنتاجها يتم في مصانع إسرائيلية، والغريب أن هذه الأنواع من الورق لا تستعمل في إسرائيل إلا لتنشيف اليدين فقط!

وأكدت جمعية حماية المستهلك تلقيها عدة شكاوى من المواطنين حول هذا النوع من الورق؛ لأن إضافة اللون إليه يخفي عيوبه بعد إعادة تدويره من نفايات الأوراق.

وقال رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية: «إن المستهلك بحاجة لمنتج رخيص السعر حتى وإن كانت جودته أقل، واستطرد قائلاً: «إن وصلت الجودة إلى التأثير سلباً على الصحة فعلى وزارة الاقتصاد تحمل المسؤولية، وسحبه من السوق، وإتلافه؛ لأنها الجهة المخولة بمراقبة السوق وما فيه، ومطابقة مواصفات المنتجات بالمواصفات الفلسطينية».

هنية أشار إلى أن السوق بحاجة لمؤسسة فلسطينية تحدد المواصفات الصحية لمنتجات الورق الصحي، وبالتالي تبقى صحة المواطن بعيدة عن النواحي التجارية التنافسية».

ورغم الوعود من الجمعية بمتابعة الموضوع مع الوزارة، إلا أنّ تسويق هذا النوع من الورق ما يزال قائماً في السوق، وغير ممنوع قانونياً.

«رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطينية، صلاح هنية- الصورة من صفحة الجمعية»

«رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطينية، صلاح هنية- الصورة من صفحة الجمعية»

ويعتبر سوق محافظتي الخليل وبيت لحم الأكثر استهلاكا لهذه النوعية باختلاف ألوانها، فيما يُعتبر الطلب عليها في مناطق وسط وشمال الضفة الغربية قليلاً جداً.

ولا يمانع الهيموني إيقاف بيع الورق الأخضر في الأسواق، خاصة أن إنتاجه وتوزيعه يكبدان المصنع بعض الخسائر أو على الأقل لا يعودان عليه بأرباح تذكر، لكن طلب المستهلكين يدفعهم لإنتاجه وتسويق بقية المنتجات.

ويقول أحد العاملين في مصنع للورق الصحي: إنه عند إنتاج هذا النوع يضطر العمال لوضع كمامات واقية على مجاريهم التنفسية؛ لأن ما يتطاير من مكوناته يسبب أزمات صدرية، ناهيك عن الأعطال التي يسببها في الآلات التي تنتجه أكثر من أي صنف أخر، أي أنَّ الآلات التي تنتج أصنافاً أخرى من الورق لا تتعرض لمثل هذه الأعطال، ولذلك لا يستعمله أي عامل في المصنع أو يأخذه إلى بيته.

3

 

14

 

فإذا كانت الآلات تتضرر من هذا الصنف الرديء من الورق «الصحي» إن جاز التعبير، فكيف بالبشر!

البشر الذين دفعتهم الظروف الاقتصادية السيئة إلى المراهنة بكل شيء حتى صحتهم الشخصية، ولعل سبباً من أسباب سكوتهم النسبي على هذا الصنف وأضراره هو الخجل، نعم الخجل، فقد يعتبرون حساسية المناطق المتضررة منه في أجسادهم جزءاً من حساسيتهم المجتمعية، خاصة في المناطق المحافظة، مثل مدينة الخليل.