الرئيسية » الاخبار »   25 تشرين الأول 2014  طباعة الصفحة

هل حقاً تراجعت مقاطعة المنتجات الإسرائيلية؟ بقلم: صلاح هنية

يتفاخر ذاك التاجر وكأنه يمتطي صهوة حصانه العربي الاصيل متجها لحماية القدس والدفاع عن المسجد الاقصى المبارك عندما يخطب على مسمع الذي يحتج من الزبائن حول عودة المنتجات الإسرائيلية إلى متجره ( لا يوجد لدينا صناعة فلسطينية ... رفعوا الاسعار ... قللوا الكميات )، انه يكذب ولا يتصف يصفة التاجر الامين الصادق وسبب كذبه هو التملق للمنتجات الإسرائيلية التملق لموزعي المنتجات الإسرائيلية بل يمارس حالة الخنوع لكل ما هو ليس فلسطيني بالمطلق.
هذا المشهد يدلل بالمطلق أن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية لم ولن تتراجع، بل باتت جزءا من وعي المستهلك الحلقة الاضعف ولكن بعض التجار هم اعداء "ولا اعمم" المنتجات الفلسطينية ومنحازين للإسرائيلي بالتالي اعطوا انطباعا ان الوضع عاد كما كان ولكن بئس هذا المشهد الشاذ عن المشهد العام الذي سجلته الاسرة الفلسطينية والاطفال والشباب ونساء فلسطين.
من الطبيعي أن يتمرجل هؤلاء وينتصروا للمنتجات الإسرائيلية وينطبق عليهم "يا فرعون مين فرعنك من قلة ما حد يردك"، المستهلك الحلقة الاضعف يحتج ويصرخ ويعطيهم درس ودروس، ولكنهم بعض التجار استمر ببيع المنتجات الإسرائيلية رغم المقاطعة الجارفة "تسونامي المقاطعة" يضربون عرض الحائط بكل شئ فهم يرون ان وزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الزراعة لا تحركان ساكنا تجاه هذا المشهد ولا ينتصرون للمنتجات الفلسطينية ولا للمحاصيل الفلسطينية.
ويرون أن منظمة التحرير الفلسطينية تضع في ذيل اهتماماتها المنتجات الفلسطينية والصناعة والتنمية وحل مشكلة البطالة من خلال زيادة حصة المنتجات الفلسطينية في الناتج المحلي الاجمالي، وكذلك فعلت مؤسسات المجتمع المدني والاهلي، وتراجع بريق خبر المقاطعة في الاعلام الفلسطيني.
عندما بادر الشعب الفلسطيني إلى مقاطعة المنتجات الفلسطينية وحولها إلى نهج حياة وبات الطفل ينفر منها والاب ينصاع له انكفأت كل الجهات التي تعتبر مسألة تشجيع المنتجات الفلسطينية ذات الجودة العالية والسعر المنافس جوهر دورها، فمنهم من انهمك باثبات ان منتجاتنا افضل من المنتجات الإسرائيلية ولم يكن هذا جوهر الموضوع، ومنهم من انهمك يدافع عن رزمة مشاريع ممولة من دول ومنظمات دولية قد تتأثر اذا قال كلمة مقاطعة مرتين في الاسبوع قبل الاكل، وظلت استراتيجية دعم وتشجيع المنتجات الفلسطينية طي الكتمان، ولا زال الكود الفلسطيني وجواز استخدام الكود الاردني في مهب الريح، ولا زال معهد التغليف الوطني في ذيل الاهتمامات.
نعم بادر المستهلك للمقاطعة والتزم واعلن تنظيف بيته وثلاجته من المنتجات الإسرائيلية، وفي المشهد الموازي ذهب البعض كالراعي يرعى حول الحمى يقترب كثيرا من تلك المستوطنة ويبحث عن منفذ يستطيع من خلاله شراء البطاطا باسعار زهيدة ويمعملها في تراب فلسطين ويعلنها بلدية فلسطينية، وذاك ينتظر شروة تمر ليست مجهول حاشا لله بل ديراوي إسرائيلي نظرا لحاجة السوق الفلسطيني وتلبية لرغبات المستهلك وكأن المستهلك يبيت باب بيته يتمنى عليه أن يدخل صوب المستوطنة ليأتي بالمحاصيل!!!!!!!!!
ورغم بعض التشويش في المشهد التجاري ومشهد موزعي المنتجات الإسرائيلية ومشهد مهربي منتجات المستوطنات الا أن هناك صورة مشرقة تتمثل بمبادرة بلدية رام الله جعل رام الله خالية من المنتجات الإسرائيلية عام 2015، ومبادرة بلدية بيتونيا، وبلدية طولكرم، وبلدية قلقيلية، جميعها بذات الاتجاه مع الاجماع على الاعفاء من الرسوم للمقاطعين، وموقف جامعة فلسطين التقنية _ خضوري وجامعة بيرزيت باعتبارهما جامعتين خاليتين من المنتجات الإسرائيلية.
ما زال هناك متسع من الوقت امام التجار والموزعين الرافضين للمنتجات الفلسطينية لكي يراجعوا موقفهم، وهذا ينسحب على موقف مؤسسات القطاع الخاص الجهة الاكثر استفادة من المقاطعة ومن حملات تشجيع المنتجات الفلسطينية ولم يعد كافيا أن يكون دورهم فقط لقاء السيد الرئيس محمود عباس وعرض حقوقهم ومطالبهم بينما لا يرون أن هناك مستهلكا مواطنا يجب ان تراعى حقوقه الاساسية المنصوص عليها في حقوق المستهلك العالمية ودولة فلسطين جزء منها، ويلتقوا وزير الاقتصاد الوطني للبحث في سبل تشجيع المنتجات الفلسطينية وكأن هذا يتم بمعزل عن جهد المؤسسات غير الحكومية التي تصل الليل بالنهار لدعم وتشجيع المنتجات الفلسطينية.
للامانة فأن اتحاد الصناعات الغذائية الفلسطينية واتحاد الصناعات الدوائية الفلسطينية استطاعا ان يكونا اكثر اقترابا من حملة المقاطعة وتشجيع المنتجات الفلسطينية دون بقية مكونات القطاع الخاص الفلسطيني.
فصل الكلام ... فلسطين تاريخيا تجد بعضا من اهلها الذين ينكفئون في الزمان والمكان الخطأ وينزلون عن الجبل طلبا للغنائم قبل الوقت المناسب، وهذا ما يقع اليوم امام ظاهرة اذعان بعض التجار للمنتجات الإسرائيلية وما خلفهاـ ورغم ذلك بقي هؤلاء التجار مقبولين اجتماعيا ويحسب حسابهم في مواقع الوجاهة بغض النظر عن موقفهم ويتسللون للعمل الفصائلي السياسي ويحسب حسابهم في مواقع حسم توجهات هذا الفصيل او ذاك.
خاتمة الكلام ... لم وان تتراجع مقاطعة المنتجات الإسرائيلية رغم انكفاء البعض عنها وظل المستهلك بمكوناته كافة قابضا على الجمر وثابتا على الجبل لم تغره الغنائم.