الرئيسية » الاخبار »   05 آب 2015  طباعة الصفحة

لا لخصخصة قطاع المياه صلاح هنية

 05 آب 2015

مرة أُخرى نعود لنقاش مسألة أن ( المياه حق إنساني) (المياه ليست سلعة) ( لن يكون مجدياً خصخصة قطاع المياه).
مرة أُخرى نعود للتأكيد ( المواطن/ة يجب ان يدفع كامل مستحقاته على داير أغورة) ( المواطن يجب ان يلتزم ويرفض الوصلات غير القانونية ).
ما بين هذا وذاك ضاعت لحانا وبوشر بتمرير المشروع الأعقد على المستوى العالمي وهو عدادات المياه مسبقة الدفع والتي تثير نقاشا محوره ( العدالة الاجتماعية) ( لا يجوز ان يحرم مواطن من المياه لأنه لا يمتلك القدرة على الدفع المسبق ) ( وزارة الشؤون الاجتماعية لا تمتلك قرارا واضحا بخصوص المشمولين بشبكة الأمان الاجتماعي ما هو سقف الإعفاء لهم) ( المدن والقرى التي بات تقليدا راسخاً أن لا ينتظم توزيع المياه لها هل ستدفع عن مياه لا تصلها؟).
لقد ظل المواطن/ة الفلسطيني يعاني على مدار سنوات مرت من مبالغات في تقدير إيصال خط مياه إلى منزله حيث يتم اختيار النقطة الأبعد لشبك الخط لكي ترتفع التكلفة نظريا دون ارتباطها بالتكلفة الحقيقية، وفواتير غاب عنها إشهار الأسعار، فواتير تتضمن بنودا مكررة كصيانة عداد، تأمين عداد، اشتراك ... الخ، ويضاف إلى معاناته من الفواتير وانقطاع المياه فصل جديد من المعاناة جوهره ( عدادات المياه مسبقة الدفع ) التي تعتبر مدخلا ( لخصخصة قطاع المياه ) لندخل في دائرة ( اللي معوش بلزموش ) ونصل إلى حد ( تحويل المياه إلى سلعة وليست حقاً إنسانيا أساسيا).
في كل العالم يتحدثون اليوم عن الإدارة المتكاملة والمستدامة لمصادر المياه من خلال ملتقى عربي سنوي متخصص بالمياه ومن ثم مؤتمر اقليمي متخصص بالمياه ومن ثم مؤتمر دولي متخصص بالمياه، ونحن نخرج انفسنا طوعا صوب دوائر لم تكن فلسطين يوما جزءا منها أو ترغب ان تكون منها ( عدادات المياه مسبقة الدفع باتجاه الخصخصة).
دعونا نتحدث بصراحة وأمانة. المديونية في قطاع المياه التي تقض مضاجع وزارة المالية وسلطة المياه ناتجة بشكل أساسي عن عدم ممارسة دائرة مياه الضفة الغربية لدورها المنصوص عليه بالقانون، بالتالي استمرت البلديات والمجالس القروية بإدارة هذا القطاع وباتت تتصرف بموارده المالية ولا تسدد الأمر الذي فاقم المديونية وقربها من سقف المليار، ويظل المواطن متهما انه لا يدفع وهو مسكين يدفع ويصر على الدفع، ويناقش لتخفيض كلفة خدمات توصيل المياه لأنه يريد ان يدفع لكن البلديات التي تحصل لا تسدد ما عليها.
لقد احسن صندوق تطوير البلديات صنعا عندما ربط تقديم مشاريع إلى هيئات الحكم المحلي بالالتزام بتسديد التزامات المياه والكهرباء، الأمر الذي يثبت ان المشكلة لدى البلديات. والغريب أن المواطن مطلوب منه تحمل أعباء قرارات تتعلق بخصخصة قطاع المياه وتحويل المياه إلى سلعة يدفع ثمنها سلفا وتلغى العلاقة بين المواطن والبلدية ودائرة المياه ويصبح الفقير ووالد الشهيد ووالد الأسير حالة على جهاز الحاسوب المخول بتعبئة رصيد المياه ومن لا يدفع بتروح عليه. ومن ثم خصخصة قطاع جمع النفايات حيث حول إلى تعامل مع شركات يجب ان تدفع لتغطي نفقات نقل النفايات إلى المكب التابع لشركة خاصة ولا تمتلك البلديات الا عرض ما تتكبده من أعباء مضاعفة لدفع تكاليف نقل النفايات. ومن ثم رفع الرسوم على المواطنين دون سابق إنذار وتصبح الرسوم عبئا اضافيا على كاهل المواطن.
اليوم يجب ان نقف بمسؤولية وطنية مجتمعية أمام ضرورة وقف عدادات المياه مسبقة الدفع حتى نعكس حقيقة احترامنا لمبادئ حقوق الإنسان والعهدين الدوليين الملحقين به، واعتماد المعايير الدولية للشفافية والنزاهة في قطاع المياه، وأن نعتمد معايير عالمية في الإدارة المتكاملة والمستدامة لقطاع المياه. يجب ان يفعل مجلس تنظيم قطاع المياه نفسه وان لا يظل مجرد عنوان، ويجب أن يطور ذاته باتجاه تلقي الشكاوى، يجب أن ننشئ مصالح مياه إقليمية تخرج هيئات الحكم المحلي من إدارة هذا القطاع، يجب أن نبلغ درجة إنشاء الشركة الوطنية للمياه.