الرئيسية » الاخبار »   21 آب 2015  طباعة الصفحة

ان كان منكم بلا فرح فليرمها بحجر ... ليالي جرابعة

 ن كان منكم بلا فرح فليرمهم بحجر!

الاحتلال الذي تراه بعينيك ليس مخيفاً، لأنه يقتل ويسرق ويسجن بوضوح، ويمكنك أن تحسب خسارتك معه بالارقام. والاشياء المخيفة حقاً هي التي لا يمكنك إمساكها أو لمسها أو تسميتها بوضوح، قد يسرق منك أحدهم فكرةً ما، شعوراً ما، مفهوماً ما، لحظةً ما! عندها يصبح شرحك لفعل السرقة مهمة صعبة، بل إن شرحك للسرقة هو سرقة ثانية يقوم بها ذات السارق، لأنه يسرق منك الان جهداً كنت تستطيع أن تبذله في خلق فكرة جديدة (أجمل من التي سرقها أول مرة) ويسلبك اللحظة والشعور ويتعب مفاهيمك أيضاً.

فلسطينياً سرق الاحتلال منا ما هو أخطر من الارض، سرق أفكارنا ومشاعرنا وطاقتنا ومفاهيمنا، بالمختصر سرق الانسان الفلسطيني الأول وخلق انساناً اخر بروح مشوهة، وتركنا نعيش وهو يراقب تشوهنا وهو يكبر، ووقف يتفرج علينا من مستوطنة عالية ونحن نبني لأنفسنا على أنفسنا سجناً أكبر من كل بيوتنا المتبقية.. لسنا أحرار! ولسنا أحياء! ولسنا طبيعين!

في هذا السجن وضعنا قائمة طويلة من الممنوعات التي لا تليق بـ "بريستيج" الشعب المحتل:
- الرقص والغناء يكون ضمن قواعد واضحة.
-الضيوف القادمون إلينا عليهم الالتزام بتعليمات صارمة تتناسب مع حالتنا الحزينة.
-قد نزغرد في جنازات الشهداء وهذا يعتبر حالة متقدمة من الحزن.
-نحن لسنا مثل غيرنا.
-حياتنا لا قيمة لها إن لم نموت.
-نحن لسنا طبيعين نحن فلسطينيون.
-نحن لسنا مثل غيرنا..
-نحن لسنا مثل غيرنا.....
-.........

دائماً أكتب مقدمات مملة وطويلة ولا داعي لها، ربما هذه سرقة أيضاً (أسرق الوقت من القارىء) واعتقد أنني مشوشة جداً وانا اكتب الان، ربما لأَنِّي موجوعة جداً! ولكني كنت أريد أن أقول أنه لا بأس أن يُقام مهرجان لحرب الألوان في رام الله، وأن الألوان والضحك ليس محرماً على الشعوب المحتلة، وان انتقادك لفرح الناس لا يجعلك وطنياً، وان طعنك بأخلاقهم لا يرفع من خلقك -بل العكس- وأن هذا المهرجان ليس خيانة وطنية وان المشاركين به لم يوقعوا مع الاحتلال على صكوك تهدئة ولا اتفاقيات سلام، وأنه ليس من الكفر أن تقلد الهندوسيين في عاداتهم المبهجة، وانه لا بد أن تقرأ عن الاشياء قبل أن تكرهها (عسى ان لا تكرهها بعدها)، وأننا كلنا نفرح يومياً في الاعراس والمناسبات وحفلات النجاح، وأننا نقيم ولائم الغداء حتى عندما يكون الأسرى في إضراب مفتوح عن الطعام، فلماذا إذا كل هذه الحرب على "حرب الألوان"؟ 
وأننا لا نحتاج وطننا المسروق حالياً..نحتاج مواطننا الفلسطيني المسروق أولاً.