الرئيسية » نصائح للمستهلك » الاخبار »   20 آذار 2018  طباعة الصفحة

الشباب والامل
بقلم: ريما هاني عرفات

الشباب في بلادي ورود ذبلت روحها قبل أن تتفتح فإن لم نعتني بها و نوفر لها تربة خصبة ماتت، أو طارت بذورها مع الرياح لتتفتح و تنثر عطرها في أرض غير ارضها.
نحن أمهات وآباء فرحنا بما وهبنا الله من ابناء و بأول كلمة نطقوها، فرحنا بخطواتهم الأولى ومع كل خطوة خفقت قلوبنا، نمد ايدينا من بعيد مشجعين: هيا يا طفلي تقدم انا هنا، بضع خطوات لأضمك إلى حضني، لا زلنا نذكر نظرة الخوف في عيونهم المتعلقة بنا عندما افلتنا ايديهم الصغيرة في أول يوم لهم في الروضة ... كم أخفينا دموعنا وخوفنا تحت ابتسامة أمل.
نحن أمهات وآباء فرحنا بدخول أطفالنا المدرسة وانتظرنا نتائج الثانوية العامة بقلق على مستقبلهم واي تخصص يدرسون.

أخيرا ... تحقق الحلم
كبر الصغار بعد ما كنا نخصص حائط في المنزل لقياس طولهم ونضع إشارة بقلم الرصاص على الحائط لنعرف كم زاد طولهم كل شهر وها هم اليوم اطول منا، شباب في مواكب الخريجين، زغرايد الأمهات تملاء الفضاء ودموع الفرح بعد طول انتظار.
اليوم اتممنا رسالتنا، ربيناهم برموش العين... ربيناهم كما يقولون "كل شبر بندر" واطلقناهم للحياة ليبنوا وطنا افضل مما بنينا، وليصنعوا مستقبلا افضل من حاضرنا

للاسف فرحتنا ما تمت
ها هي طوابير الشباب الباحثين عن العمل تطرق كل باب ولكن لا أمل.. وطن تحت الإحتلال ويعتمد على المساعدات الخارجية ولا يوجد فرص عمل تتناسب مع عدد الخريجين والأسوأ من ذلك ان فرص العمل القليلة المميزة والتي يعتبر التنافس عليها حسب الكفاءة حق لكل ابناء الشعب الفلسطيني محجوزة مسبقا لفلان إبن فلان أو موزعة حسب مراكز القوى من الاهم إلى الأقل أهمية حتى تصل عامة الناس.
كبر الأبناء وأصبحوا شبابا وقد تسلل اليأس والألم إلى قلوبهم وبهت بريق الأمل في عيونهم، ما عاد حضن الأم والأب يصلح ملاذا آمنا للشباب بل هم يحتاجون حضن الامة بأكملها متضامنة متكافلة.
لا مزيد من الوقوف في طوابير الباحثين عن العمل بل علينا أن نشجع وندعم الشباب للبدء بالعمل من خلال تأسيس شركات شبابية ريادية تعمل في كافة المجالات اما بشكل مستقل أو من خلال المشاركة مع البلدية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
بإمكان البلدية التعاقد مع شركات شبابية ناشئة للعناية بالحدائق والأرصفة والنظافة في بعض المناطق والأحياء والقيام بأعمال المراقبة للحفاظ عليها من المخالفات والتعديات، بإمكان المدينة إنشاء شركات يساهم بها المواطنون بسهم واحد أو اكثر كل حسب رغبته ومقدرته وبالشراكة مع البلدية في مجال توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، مصانع فصل وتدوير النفايات مثل الكرتون، البلاستيك، الزجاج، الألمنيوم، اطارات السيارات وتدوير النفايات العضوية وتحويلها إلى سماد مما يعود بالفائدة على المدينة ويخلق فرص عمل للشباب، بالإمكان تأسيس حاضنة للشباب في مجال البرمجة وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، هذه أمثلة بسيطة أسواقها اليكم ولكني على يقين أن شبابنا سواء كانوا جامعين او لم يكملوا تعليمهم لديهم جميعا أفكار خلاقة ومبدعة افضل بكثير مما ذكرت، كفيلة بأن تغير واقعنا الاليم.
لن نقبل ان نبقى امة مستهلكة تعيش على ما ينتجه الاخرون فلا خير في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع
لن نقبل ابدا ان يذبل شبابنا امام اعيننا وتصبح أرضنا مقبرة لاحلامهم، ولن نبكيهم وهم أحياء بيننا، بل علينا أن ننهض معهم وبهم ولا ننتظر مساعدة من أحد، فلا فائدة من العويل والبكاء والتحسر على ما فات ولا فائدة من الاستمرار في جلد الذات وإلقاء اللوم والتهم هنا وهنا
يد واحدة لاتصفق ولكن يد الله مع الجماعة فهيا بنا نمضي معا يدا بيد مخلصين في النوايا صادقين في العطاء، ولنبدأ اليوم بالعمل لغد يشرق بالأمل وتذكروا دائما:
"اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر"