على صعيد العمل الأهلي والمؤسسات الشعبية فالشعار الجامع هو»مقاطعة المنتجات الإسرائيلية»، أما على صعيد الحكومة والقطاع الخاص والموردين فالحد الأعلى المقبول هو «مقاطعة منتجات المستوطنات». ذهبت الحكومة في العام 2010 صوب هذه الفعالية بإجراءات كانت حاضرة بقوة جندت لها كل المجتمع المحلي ومؤسساته وقطاعاته، وصدر مرسوم بقانون لمقاطعة ومكافحة منتجات المستوطنات وتم إصدار دليل منتجات المستوطنات لمقاطعتها.
بعد ثمانية أعوام من إصدار المرسوم بقانون والفعل على الأرض بدأت جهود لتعديل القانون، واعتبر عقد المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك إنجازاً (رغم بعض الملاحظات). وعلى مدار عامين لم ينجز تعديل المرسوم بقانون وبقي تكرار الملاحظات عن الثغرات فيه سيد الموقف، وكذلك الحال بالنسبة لدليل لمنتجات المستوطنات، والإنجاز المهم تعديل بند العقوبات في قانون حماية المستهلك رقم 21 لعام 2005 وانسحب هذا على المرسوم بقانون، وقام بعض القضاة بتغليظ العقوبات على الاتجار بمنتجات المستوطنات.
استمرار النقاش وتكرار الملاحظات بخصوص تطوير المرسوم بقانون لن يفيد الا المستفيدين من هذا الفراغ باتجاه تعميق العلاقات الاقتصادية مع المستوطنات. ونحن مثلا في موسم التمور وكوننا لم نستخلص العبر من (تبييض تمور المستوطنات وجعلها فلسطينية في ظل هذا الفراغ) ولم نستخلص العبر من منتجات تنتج خصيصا للمستوطنات والتزود بالمبيدات والبذور منها، ولم نحسم قضايا العمل في المستوطنات، ولم نحسم قضايا الاستثمار في المستوطنات. هناك مصانع مفتوحة في مستوطنات في القدس المحتلة وتم بقرار وطني سيادي تجاوز منطقة قلنديا الصناعية ما يطلق عليها تعسفا (عطروت) كونها منطقة التوسع الوحيدة لتجار وصناع القدس. وهذا لا ينسحب على بقية المستوطنات التي تشكل جزءا من المشروع الاستيطاني E1، وتعتبر منتجاتها ضمن القائمة.
كنا نظن أن لدينا فرصة طالما أن الحكومة أعلنت الانفكاك الاقتصادي الذي لم ننل منه الا وقف استقبال أموال المقاصة بينما تعج اسواقنا بالمنتجات الإسرائيلية وبعضها يعاد تغليفه في الشركات الإسرائيلية وهي مستوطنات أصلاً، وكنا نتوقع عوائق غير جمركية ضمن سياسة الانفكاك الاقتصادي تركز على المواصفات الفلسطينية وعدم انطباق المنتجات الإسرائيلية مع المواصفات، وهذا ما طلبه رئيس الوزراء عند افتتاحه لمختبرات مؤسسة المواصفات والمقاييس منذ عام على الأقل، ولم يحدث.
اليوم بات ملحاً وبتوجيهات من رئيس الوزراء وبمتابعة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء لمتابعة جاهزية وزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الزراعة لمهمة اصدار دليل محدث لمنتجات المستوطنات، والجهد باتجاه تحديث القانون، وضمان عدم ترك هذه المهمة لموظفي الوزارات دون اسناد قانوني وسياسي وفني وجعلها فقط بنداً على جدول اعمال اجتماع المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك. ونتطلع الى أن يلقى هذا البند اهتماماً أكثر، تماماً مثله مثل تعديل قانون الشركات مثلاً، رغم أن هذا الملف ليس مغريا للمانحين ليسندوه، وبالتالي يحتاج الى دعم وطني ومن الخزينة بتشكيل فريق فني يتابعه بمهنية عالية دون تكليفات وظيفية تعيق، بل فريق مستقل ضمن سقف زمني محدد.
نأمل ان تشكل جلسات المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك نقطة فارقة على صعيد حماية حقوق المستهلك وتطوير البيئة القانونية وخطوات باتجاه مقاطعة منتجات المستوطنات والضرب بيد من حديد على أي تسيب، ودراسة آثار جائحة كوفيد_19 على حقوق المستهلك وحجم الشكاوى التي تصاعدت ابان أيام الطوارئ والحجر الجماعي، سواء التجارة الالكترونية ومشاكلها ومشاكل حقوق المستهلك في قطاع الكهرباء ومأساة قطع الكهرباء، وعدادات المياه مسبقة الدفع، وعدالة الأسعار في السوق، ومصداقية العروض التجارية، خصوصاً تلك التي تستمر لساعتين أو ثلاث لبضائع تباع بأسعار زهيدة جداً لا تتناسب مع أهميتها، وقطاع الاتصالات والبنوك والتأمين، وينسحب الأمر على حقوق الطلبة في المدارس الخاصة والأقساط وايام التدريس، وشروط التخزين وملاءمتها لسلامة الأغذية.
الحكومة ومقاطعة منتجات المستوطنات صلاح هنية