إعداد: أيهم آبوغوش*

       أسيل زيدان**

رام الله– الحياة الاقتصادية - تظهر البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء أن مؤشر غلاء المعيشة واصل ارتفاعه خلال كانون الثاني من العام الحالي، إذ سجل المؤشر ارتفاعا بنسبة 2.68% مقارنة مع كانون الاول 2021، مدفوعا بارتفاع اسعار الخضراوات والبيض والسجائر والدجاج. في هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على ثلاث سلع شهدت ارتفاعات تراكمية خلال السنوات الماضية، وهي المحروقات، والزيوت النباتية، والسجائر.

المحروقات...ارتفاعات متتالية

شهدت اسعار المحروقات في فلسطين ارتفاعات متتالية منذ العام 2004 وكانت اعلاها خلال العام 2012، فمع نهاية العام 2021 ارتفعت اسعار الوقود ومواد التشحيم لمعدات النقل بنسبة 11.41%، حيث ارتفعت اسعار الديزل "السولار" بنسبة 8.62%، والبنزين بنسبة 12.05% مقارنة مع ما كانت عليه الاسعار خلال العام 2020. وتباينت هذه النسب بحسب المناطق الجغرافية ففي الضفة الغربية ارتفعت اسعار الديزل بنسبة 8.35% والبنزين بنسبة 11.76%، كما ارتفعت في قطاع غزة لتسجل اسعار الديزل ارتفاعاً نسبته 8.06% والبنزين بنسبة 10.38%، كما ارتفعت في القدس لتسجل اسعار الديزل ارتفاعا نسبته 14.12%، والبنزين بنسبة 13.08%. ويعود السبب في ذلك لاختلاف مستويات الاسعار في المناطق الثلاث والى الجهة الحكومية المسؤولة عن تحديد السعر في كل منطقة، ومن الملاحظ أن اسعار القدس هي اعلاها، كما إن الزيادة كانت بحوالي شيقل واحد في كل ليتر عما كانت عليه الاسعار خلال العام 2020، ما أثر سلبا على حياة الاسر بسبب ثبات الدخل وتآكله مع ارتفاع الاسعار في ظل عدم القدرة على تقليص الكميات المستهلكة من المحروقات أو احلالها بسلعة اقل تكلفة.

ويعود السبب الرئيسي لارتفاع أسعار المحروقات محليا الى ارتفاع ضريبة البلو المفروضة على سلعة المحروقات وتزيد نسبتها عن الى 100% من السعر الاساسي للتر الواحد. وتنعكس الأسعار المحلية بشكل واضح مع أسعار النفط عالميا، اضافة الى تباين سعر الصرف لعملة الدولار الامريكي شهريا". والاسعار المسجلة لا تأخذ التطورات العالمية خاصة فيما يتعلق بالأزمة الروسية والأوكرانية وتسببها بارتفاع سعر برميل النفط إلى أعلى من 100 دولار لأول مرة منذ عدة سنوات.

متوسطات اسعار المستهلك السنوية لسلعة البنزين 95 والسولار في الضفة الغربية خلال الفترة 2004 – 2021

يشار إلى أن نسبة إنفاق الاسر الفلسطينية على مجموعة النقل والاتصالات تبلغ حوالي 19% من اجمالي الدخل أي بحوالي 163 شيقلا في الشهر. وبحسب بيانات استهلاك وإنفاق الاسر 2017 تباينت انفاق الأسرة ما بين 232 شيقلا لأسر الضفة الغربية و57 شيقلا لأسر قطاع غزة، على الرغم من ارتفاع حصة الانفاق الاسري على هذه المجموعة حيث بلغت 119 شيقلا للأسر الفلسطينية خلال العام 2011. كما تجدر الإشارة إلى أن مجموعة النقل والمواصلات تأتي بالمرتبة الثانية في الانفاق من قبل الاسر، حيث تحتل مجموعة الغذاء المرتبة الأولى في الانفاق.

الزيوت النباتية (زيت الذرة)

واظهرت بيانات الاحصاء الفلسطيني استمراراً في ارتفاع أسعار زيت الذرة فئة 5 لتر و3 لتر خلال أشهر العام 2021 ليستقر سقف 5 لتر عند 44 شيقلا و3 لتر عند 26 شيقلا في الاسواق الفلسطينية مع تباينات طفيفة في الاسعار والمحال التجارية تبعاً للمنطقة الجغرافية (محافظات الضفة الغربية، محافظات قطاع غزة، والقدس). بعدما كانت اسعارها 30 شيقلا/5 لتر و20 شيقلا/3 لتر، أي بزيادة حوالي 14 شيقلا/5 لتر وزيادة بحوالي 6شواقل/3 لتر.

ولعل الزيادة الأسوأ حظا كانت في اسواق قطاع غزة حيث ارتفعت اسعار الزيوت النباتية بنسبة 14.69% خلال العام 2021 مقارنة بالعام 2020، ويعود ذلك لان مستويات الاسعار في قطاع غزة أدنى منها بكثير في الضفة الغربية على الرغم من ارتفاع اسعار الزيوت في الضفة الغربية أيضاً بنسبة 5.70% خلال العام 2021.

اسعار الزيوت النباتية وارتفاعاتها المتتالية خلال العام 2021

كما ارتفعت اسعار الزيوت في القدس بنسبة 11.61% خلال العام 2021 مقارنة بالعام 2020، فبعدما كان يباع زيت الذرة فئة 3 لتر بـ 24 شيقلا أصبح يباع في اسواق البلدة القديمة في القدس بحوالي 26 شيقلا، كما ارتفع سعر زيت الذرة فئة 5 لترات من 40 شيقلا الى 44 شيقلا، ومن الجديد ذكره إن مستويات الاسعار في القدس أعلى بكثير مما هي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

متوسطات اسعار المستهلك السنوية لسلعة زيت الذرة فئة 5 لتر في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة 2014 – 2021

لعل استقرار اسعار الزيوت النباتية خلال شهر كانون الثاني 2022 لم يكن عبثياً فقد قامت وزارة الاقتصاد بمراقبة الاسواق واجبار التجار على الالتزام بالتسعيرة الاسترشادية التي حددها الوزارة وألزمت التجار بها، وما يؤكد ذلك هو بيانات الاحصاء التي اظهرت استقرارا وتراجعا طفيفاً في نسبة التغير السعرية لمجموعة الزيوت النباتية حيث سجلت انخفاضاً طفيفاً مقداره 0.53% خلال شهر كانون الثاني 2022 مقارنة بشهر كانون الأول 2021 توزعت بين انخفاض مقداره 0.85% في القدس، وبمقدار 0.66% في قطاع غزة، وبمقدار 0.43% في الضفة الغربية. ولكن لماذا قلت الكميات المعروضة في رفوف المحال التجارية؟

تباينت اجابات التجار ما بين عدم الرغبة بالبيع بخسارة حيث ارتفع سعر الزيت عالمياً، كذلك تكلفة الاستيراد والشحن ارتفعت عالمياً ايضاً وهذا بذاته كلف التجار مبالغ ضخمة وعليه، هناك خسائر أكثر منها ارباح في حال تم البيع بسعر اقل مما هو مسموح به، مشيرين إلى أنهم سيتركون المنتج في المخازن لحين السماح ببيعه بالتسعيرة التي تحقق هامش الربح وتعوض تكاليف الشحن، والاستيراد، والتعبئة المحلية.

السجائر

اظهرت بيانات الاحصاء ارتفاعا في أسعار مجموعة السجائر في الضفة الغربية بنسبة 4.15%، بواقع 4.64% للسجائر المحلية، وبنسبة 4.02% للسجائر المستوردة، ويعود السبب الرئيسي لهذا الارتفاع الذي حدث خلال شهر كانون الثاني 2022 الى رفع الضريبة على السجائر مع مطلع العام 2022 مما أحدث ارتفاعا في السعر النهائي للسلعة بشيقل واحد، على الرغم من ثبات اسعار السجائر لمختلف انواعها على مدار السنوات 2015- 2021 الماضية، وبين فترة واخرى ترتفع اسعارها بسبب تطبيق الضربية في مناطق الضفة الغربية بين حين واخر كما في شهر أيار 2013 وكانون أول 2014.

فروقات في مستويات اسعار السجائر بين الضفة الغربية والقدس؛ فالأسعار في القدس اعلى منها في الضفة الغربية بحوالي 2– 5 شواقل في الصنف الواحد خلال العام 2014، ليتزايد الفرق ليصل الى 8 شواقل خلال العام 2021 لبعض الاصناف.

اسعار السجائر في غزة اقل بكثير مما هي في الضفة الغربية؛ حيث تباع علبة سجائر المانشستر المورد عبر الحدود المصرية بحوالي 13 شيقلا/20 سيجارة، فيما يباع الرويال الوارد ايضا عبر الحدود المصرية بحوالي 19 شيقلا/20 سيجارة. وعلى الرغم من تطبيق وزارة المالية للضريبة على قطاع السجائر إلا  انه ينحصر فقط على مناطق الضفة الغربية وبالتالي فان أسعار السجائر في كل من قطاع غزة والقدس لم تشهد أي ارتفاعات خلال شهر كانون ثاني 2022.

تشير نتائج مسح استهلاك وإنفاق الأسر 2017 الى ان حصة الانفاق الشهري على التبغ والسجائر فاقت حصة الانفاق على التعليم، والترفيه والثقافة والعناية الشخصية، حيث بلغ مقدار إنفاق الفرد الشهري على التبغ والسجائر حوالي 9 دنانير أي ما يعادل 47 "شيقلا" اسرائيليا، كما يلاحظ وجود ارتفاع في الانفاق على السجائر والتبغ مقارنة مع ما كانت عليه خلال العام 2011 حيث كان ينفق الفرد حوالي 37 شيقلا من متوسط دخله الشهري.

*منسق شبكة الصحفيين الاقتصاديين.

**رئيس قسم إحصاءات أسعار المستهلك في الجهاز المركزي للاحصاء.