من الصعوبة بمكان أن تصف النقاش معك حول قرارك التوجه إلى نابلس وكأنك ستذهب إلى المجهول، والصعوبة الأكبر أن تدعو آخرين ليكونوا معك فتلمس علامات الاستغراب من دعوتك تلك.
الطريق إلى نابلس هي ذاتها لم تتغير مع ضغط مروري أقل صباحا بل بالكاد ترى مركبة تسير صباحا، أمام مدارس اللبن على الطريق العام يوقف ذاك المستوطن مركبته في الشارع وينزل ليناقش جيشه المحتل مشيرا صوب مدارس اللبن بما يوحي أن حجرا قد ألقي صوبه، محاولة مستميتة وتبدو مبرمجة من قبلهم لتكرار الشكوى لتحقيق هدف إزالة المدارس من موقعها.
واصلنا المسير حتى بلغنا حاجز الاحتلال في حوارة. هناك كان الضغط من الخارجين ضعيفا بسيطا وكان الداخلون إلى نابلس اقل ولكن أمورهم ميسرة، ويتواصل المسير لترى فرقا بالحركة في شوارع نابلس ولكنك تتدارك أن الناس في عملهم ودوامهم والأمر طبيعي هنا.
وصلنا مبتغانا (فندق الياسمين) في البلدة القديمة في نابلس حيث ينظم مركز «شاهد» لقاء مفتوحا حول (دور المجتمع المدني في كسر الحصار عن نابلس). طبيعي أن تتأخر مؤسسات المجتمع المدني وينضبط ممثلو الفصائل، ويتوالى الحضور من جمعيات ومؤسسات وأكاديميين وإعلاميين وبلدية نابلس ونقابات، متحدثو المنصة حدثونا عن مسار المياه وكيف ينبت على جوانبها الغث والسمين بإشارة إلى ضرورة أخذ السمين وترك الغث، والإعلام كان دوره حاضرا بقوة وكالعادة مطلوب من الإعلام أن يقود الحالة لا أن ينقلها أو يصفها وكأنها بديل عن الحالة ومحرك لها وهذا التوصيف نقع فيه في كل حالة نهوض كفاحي في الوطن.
تشعب النقاش وتفرع وكان لا بد من وضعه على مساره في المداخلات الأولى ليكون النسق متناغما مع البقية ليظل الإطار دور المجتمع المدني وسبل تعزيز الصمود، ولكن كان ضروريا أن تكون المداخلات الأولى أن نابلس ليست بحاجة لطحين ولا سردين، نابلس قائمة على «الرجل الغريبة» في أسواقها وبدونها لا يوجد سوق وتسوق ومن هنا الدعوة لحضور بقية المحافظات إلى نابلس وأهلنا في 1948، عدم السماح بالاستفراد بنابلس، وهذا معيار نفسي اجتماعي مهم بحيث لا يقال يا وحدنا.
وذهب النقاش باتجاه ضرورة تعظيم دور المؤسسات في نابلس بدءا من أكبرها وأهمها البلدية والغرفة التجارية وجامعة النجاح مرورا بهذا النادي وتلك الجمعية ليكونوا على قلب رجل واحد بحيث يجمعون على وجهات دور مؤسسات المجتمع المدني ويقفون مع نابلس، ويحثون المؤسسات الشريكة لهم عبر اتحاداتهم وروابطهم لكي لا يتم الاستفراد في نابلس وكسر الحصار، بحيث لا نطمئن أن الجميع يعرف بالأمر، ليس بالضرورة وقد يعرف ولكنه لا يعرف دوره أو انه يرى هذا ليس دوره بالتالي من سيحثه ويوضح له كيف يكون مع نابلس بطريقته.
كان اللقاء يتعامل مع الأدوار في المجتمع المدني ببراعة، هناك من كتب أو سيكتب قصيدة ومقالا وسردية وهذا مهم تماما كما هو دور من سيتسوق من نابلس مهم وكما هو الحال مع من سيبادر لكسر الحصار.
وكان العتب على قدر المحبة بخصوص المشاركة الشعبية الواسعة في فعاليات كسر الحصار وتم توصيف الحالة والحلول وعدم التجمد في مربع وسيلة وحدها على أهميتها، فطرحت قضايا متعددة، وفجأة، دخلنا في نفق النقاش المكرر الذي يحضر في وقت الرخاء ووقت الأزمة ولكن مايسترو المنصة أعاد الأمور إلى نصابها: لسنا كل المجتمع المدني بل نحن مكون من مكوناته، الإعلام ليس جميعه حالة واحدة موحدة ولا ننسى إعلام المواطن الذي قد يخطئ وقد يصيب وقد يدخل من نفق الإشاعة من حيث لا يدري.
ويظل النقاش وخارطة الأدوار والمبادرات مفتوحا على مصراعيه والشكر موصل لـ«شاهد» الذي بادر لجمعنا.
[email protected]
نابلس الحكي مش زي الشوف كتب صلاح هنية