معظم الناس يؤكدون على أهمية وضرورة لجان الأحياء في المدن والبلدات، وغالبا ما يتم التعاطي معها بنمط أي مؤسسة في البلد وليس بمنطق مختلف تماما جوهره إنها تجمع لكل شخص ساكن في هذا الحي أو ذاك وليست مؤسسات نخبوية أو ذات طابع تخصصي، ولا تحتاج لجان الأحياء إلى تعقيدات التشكيل من حيث نظام ضابط لها يجعل من اللجنة تقتصر على أناس دون غيرهم في الحي، وهذا ليس هدف تشكيلها.
تعاظم دور هذه اللجان في الأحياء في وقت جائحة «كوفيد ــ 19» وبعدها بقيت كتشكيل يتم الاعتماد عليه في القضايا الاجتماعية والصحية والتعليمية والبيئية، صحيح أن الوضع، اليوم، مختلف تماما، فهناك مؤسسات وأجهزة رسمية، إلا أن لجان الأحياء تظل عنوانا مهما يجمع أهل الحي ليقوموا بعمل مشترك معا يقود إلى نهضته وطرح قضاياه أمام الجهات المختصة.
واضح أن هناك خطوطا مرجعية تقود تشكيل اللجان أهمها الاستقلالية بحيث لا تهيمن عليها جهة دون أخرى لأنها لكل سكان الحي، وتكون نشاطاتها موجهة لخدمة الحي دون تمييز لأي سبب، وتعتمد نمطا تمثيليا عادلا ولا تحجب حق أي كان من إبداء رأيه.
لا تتوازى وتتماثل الأحياء بنشاطها وتشكيلها لتلك اللجان واستمراريتها، وهذا يعود لتفاوت التجربة من حي إلى آخر والتركيبة السكانية ومدى انسجامها ومدى قدرة مجموعة على اتخاذ زمام المبادرة أو عدم القدرة على ذلك.
واقع الحال يوضح أن التوجه إلى مأسسة لجان الأحياء منذ بداية تشكيلها سيقود إلى نفور محوره أن البعض يعتقد أن وراء الأكمة ما وراءها، بينما تقتضي الحكمة أن نجذب الناس نحو هدف مشترك يجمعون عليه، ورؤيا واضحة تقود إلى نتائج ذات منفعة للجميع، خطة عمل مجمع عليها، وفي نهاية الأمر يصبح لدينا مؤسسة لا يخافها أحد بل يسعى صوبها.
مسار العمل العام ينطبق على لجان الأحياء. فالحاجة ماسة للقدرة على التأثير داخل إطار الحي التي ستنسحب للتأثير على المؤسسات العامة التي يقع على عاتقها مسؤولية كاملة لتطوير الحي وقد يكونون لا يرونها أولوية، مثل طلب إسناد لأسر محتاجة فيرد إلى خاطرهم أن حيكم «برجوازي» وتستطيع لجنة الحي إيصال الرسالة بدقة ووضوح لتكون هي عامل التأثير على صانع القرار في المؤسسة العامة.
ستكون البلديات صمام الآمان في إنجاح مسيرة لجان الأحياء كونها الأقرب إليهم وتمارس مهامها في جميع الأحياء يوميا وساعة بساعة، ولكن لكل حي خصوصيته التي تحتاج إلى إبراز، وتستطيع البلديات التقاطها فورا ومتابعتها حسب أولويات خطتها وجداولها الزمنية.
المدارس والمراكز المجتمعية حاجات أساسية للأحياء لن يتمكن من متابعتها إلا أهل الحي انفسهم وتبريرها ووضع تصور لها.
لا تقتلوا لجان الأحياء بسكين الإفراط في المأسسة بداية ما يؤدي إلى العزوف عنها، ولا من باب أننا لا نعرف عن اللجنة.
لجان الاحياء ضرورة ملحة صلاح هنية