تحليل: أيام صعبة تنتظر الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي
نيويورك - "سي إن إن": ينتظر الاقتصادان الفلسطيني والإسرائيلي أياماً أكثر صعوبة، وسط مخاوف من تفاقم الصراع في قطاع غزة؛ في ظل حشد الجيش الإسرائيلي عدداً ضخماً من القوات والعتاد العسكري؛ لتنفيذ عملية اجتياح بري في القطاع، ويبدو أن تل أبيب لا تبالي بالتحذيرات من تداعيات إنسانية واقتصادية وسياسية ضخمة لمثل تلك الخطوة.
ومنذ بداية الصراع بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة يئن الاقتصادان وسط تضرر العديد من القطاعات، ويعني تنفيذ اجتياح بري طول أمد الحرب وتداعيات أكثر ضرراً وأشد وطأة على الاقتصادين.
يقول أستاذ العلوم الاقتصادية في الجامعة العربية الأميركية بمدينة رام الله نصر عبد الكريم: إنه في حال الاجتياح العسكري لقطاع غزة "ستتعمق الأضرار الاقتصادية التي ستلحق بالاقتصاد الإسرائيلي من حيث تعطل الحياة الاقتصادية بشكل شبه كامل، وانخفاض سعر صرف الشيكل بشكل إضافي وقد يتجاوز 4 شواكل للدولار، وهذا سيجلب مزيداً من ضغوطات التضخم".
وأضاف عبد الكريم: "بورصة تل أبيب ستنزف مزيداً من الخسائر، علماً أن كلفة الحرب على غزة بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي تقدر حالياً بمليار دولار يومياً"، وأوضح الخبير الاقتصادي أن "حجم الأضرار سيعتمد على تطور ساحة الحرب من قبيل هل ستمتد إلى ساحات أخرى، وكيف ستتطور الحالة الأمنية في الضفة الغربية".
وتابع عبد الكريم: "أظن أن الاقتصاد الإسرائيلي سيدفع ثمناً أكبر بكثير كلما طالت الحرب واتسعت"، مشيراً إلى أن أكثر القطاعات تضرراً هي "السياحة والنقل في ظل توقف حركة الطيران ومغادرة السياح للبلاد، بل وبعض الإسرائيليين أنفسهم يغادرون البلاد، ما سيؤدي لنزيف لهذا القطاع".
وكشف عبد الكريم أن "قطاع التكنولوجيا في إسرائيل قد بدأ نزيفاً حتى قبل الحرب الحالية بعد نزوح أكثر من 60 مليار دولار منه، بحسب البيانات الإسرائيلية نتيجة للأزمة الداخلية وانعكاسات الصراع على ملف القضاء".
وأشار إلى "تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل في نيسان الماضي، ومن المفترض وجود مراجعة ثانية للتصنيف في تشرين الأول الحالي، وهناك تلويح بتخفيض جديد، كما أن هناك ارتفاعاً كبيراً في تكلفة التأمين على السندات الإسرائيلية، ما قد يؤثر على قدرة إسرائيل على سداد هذه السندات"، مشدداً على أن "أزمة الاقتصاد الإسرائيلي عميقة".
وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أول من أمس: إن التصعيد الحالي في قطاع غزة يختبر مرونة الاقتصاد الإسرائيلي، ومن المتوقع أن تُصدر الوكالة خلال وقت لاحق تقريراً آخر وسط توقعات بخفض تصنيف إسرائيل الائتماني، الأمر الذي سيزيد كلفة الاقتراض أو إصدار سندات.
وبالنسبة لخسائر الاقتصاد الفلسطيني، قال عبد الكريم: إنها "بلا شك ستتفاقم؛ إذ يعيش الفلسطينيون في ظل ظروف صعبة مع نسبة بطالة تتجاوز الخمسين بالمئة، وتخطي نسبة الفقر سبعين في المئة، كما أن ثمانين في المئة من السكان كانوا يعيشون على الإعانات الدولية قبل الحرب".
وأضاف: "الصناعة في قطاع غزة تعاني بسبب الحصار الذي دام سبعة عشر عاماً، ونقص المواد الخام، وتوقف حركة الاستيراد والتصدير جرّاء قيود مشددة من الجانب الإسرائيلي، لذلك فالتأثيرات عليها ليست كبيرة".
أوضح الخبير الاقتصادي أن "الضفة الغربية أيضاً تدفع الثمن، إذ فقد أكثر من 200 ألف شخص يعملون داخل إسرائيل عملهم، وكان هؤلاء يوفرون 1.5 مليار شيكل شهرياً لاقتصاد الضفة تساعد في تحريك التجارة الداخلية، وتطور الحرب إلى حرب برية يعني أنهم قد لا يعودون لعملهم لفترة طويلة، وهذا يضغط على الاقتصاد الفلسطيني".
وأوضح عبد الكريم أن "التجارة الفلسطينية الخارجية تمر عبر الحدود التي تسيطر عليها إسرائيل، ما يعقد الأمر، لذا ربما نشهد تراجعاً كبيراً وحاداً في التصدير والاستيراد"، مشيراً إلى "تضرر موازنة السلطة الفلسطينية بشكل كبير لأن ثلثي إيراداتها تعتمد على المقاصة مع إسرائيل، وهي الإجراءات الجمركية وضريبة القيمة المضافة التي تحصلها إسرائيل وتحولها في نهاية كل شهر إلى خزينة السلطة الفلسطينية".
وأضاف الخبير الاقتصادي: "تقدر قيمة المقاصة بنحو 700 مليون شيكل شهرياً، وقد تقرر إسرائيل - كعقاب جماعي للفلسطينيين والسلطة الفلسطينية - عدم دفع المبلغ للسلطة، ما قد يعني عدم قدرة السلطة على دفع رواتب الموظفين"، مشيراً إلى أن "السلطة الفلسطينية في أزمة بالفعل، ومنذ نحو 27 شهراً تدفع فقط 85 في المئة من رواتب الموظفين".
وشدد عبد الكريم: "كلما طالت هذه الحرب أو العدوان على غزة وتوسعت زاد نزيف الاقتصاد الفلسطيني"، مؤكداً أن "الضرر سيشمل كل القطاعات الاقتصادية، لكن الضرر على الاقتصاد الفلسطيني سيكون أقل منه على الاقتصاد الإسرائيلي بسبب هيكل وطبيعة الاقتصاد الفلسطيني".