لم يعد بالإمكان الاعتماد على هبات في ملف مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، خصوصاً أن مأسسة قد تمت في هذا الملف على مستويات عدة، الأول توحيد الجهد الشعبي المؤسساتي معا ضمن رؤية مشتركة. الثاني، تحديد مرجعية واضحة للمقاطعة. الثالث، إبطال كل المبررات التي كانت للاستخدام وليس للنقاش على رأسها جودة المنتجات الفلسطينية وأهليتها للمنافسة.
تعددت على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية قوائم للمقاطعة طالت معظم السلع المتوفرة في السوق من باب الوقوف ضد الحرب والعدوان، ولكن دون ترشيد لقرار المقاطعة، الأمر الذي يقود لإضعافها في نظر الجمهور إذا تم تكبير الحجر، بحيث لا يصيب مطلقاً.
أتفهم تماماً إخلاص ووفاء الناس ونعرف انهم يريدون أن يفيقوا ذات صباح ليجدوا المنتجات الإسرائيلية قد تبخرت من سوقنا، ولكن هذا لن يتم بِعصاً سحرية، بل بإرادة وفعل على الارض وتوعية وتوجيه، ويجب أن يغيب عنا نمط العشوائية في هذا الفعل والبناء على الجهد الطويل والمتواصل لتحقيق نتائج واضحة.
وهنا يجب أن نقف أمام مكامن القوة اليوم، إثبات جودة المنتجات الفلسطينية ورفع قدرتها التنافسية على مستوى العالم، وهذا لم يأت بكبسة زر بل بتراكم خبرات ودراسات وتطوير، واستطاعت مؤسسات مرجعية متابعة هذا الملف وتطويره وتفعيله، ورغبة القطاع الخاص بالوصول الى أعلى معايير الجودة.
ولا بد من الاشارة الى الوعي الشعبي الذي تشكل على مدار السنوات في المدارس والجامعات والاحياء والجمعيات النسوية والنقابات، وهذا وعي نوعي ساهم في زيادة حصة المنتجات الفلسطينية وزاد من نسبة مبيعاتها.
حرص الكل الفلسطيني على تحقيق مدخلات إنتاج فلسطينية في المنتجات ليعتمد انها فلسطينية وحددت قانونياً بنسبة محددة، ولكنها شعبياً تتطلب نسباً أكثر وليس طغيان نسبة اليد العاملة على بقية النسب.
الوضع الراهن رافعة من روافع تعزيز المقاطعة واتساع قاعدتها وهي مُمأسسة وفاعلة، ولا بد أن نعتبر هذه المرحلة فارقة ومساعدة من خلال تعميق الوعي، تعزيز دور التاجر الملتزم والمقتنع بالمنتجات الفلسطينية، والموردين الذين يجب أن يلعبوا الدور المناط بهم.
ولا يعقل أن يظل ملف المقاطعة تخصصياً لجمعية حماية المستهلك الفلسطيني وامتداداتها، بل يجب أن تتوسع قاعدة المشاركة من بقية المؤسسات، بغض النظر عن اختصاصها ونطاق عملها، وتلك فرصة أخرى في هذا الوضع الراهن.
اليوم تنتهي حالة الميوعة في السوق الفلسطيني وخصوصاً اختلاق المبررات لوجود منتجات إسرائيلية كاستثناء ليس مبرر، ولا يُعقل أن تستمر حملات الترويج من بعض المحلات التجارية للمنتجات الإسرائيلية، ونخطئ في عديد المناسبات والمؤتمرات بتقديم الضيافة بمنتجات ليست فلسطينية.
بدأنا منذ ثلاثة أسابيع نشكر الناس لأنهم يختارون المنتجات الفلسطينية وهذا اقل الواجب، ومن ثم التوعية للجمهور والتجار والجمعيات والأندية والمدارس، ومرحلة الحوار مع التجار والموردين أن المنتجات الإسرائيلية غير مرحب بها في سوقنا.
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية بقلم صلاح هنية