اقتصاد الضفة الغربية يرزح تحت وطأة الحرب على غزة
2024-01-19
رام الله - أ ف ب: ينتظر حافظ غزاونة في متجره الصغير في البيرة في الضفة الغربية المحتلة الزبائن بفارغ الصبر، فمنذ 7 تشرين الأول الماضي، لم يشتر منه سوى عدد قليل من الناس السندويشات والفلافل.
قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كان العديد من الحرفيين من الورش المجاورة يأتون إلى محل غزاونة لشراء وجبة الإفطار أو الغداء.
ويقول غزاونة لوكالة فرانس برس: "الآن يحضرون وجباتهم اليومية معهم من منازلهم، لأن الوضع صعب للغاية بالنسبة لهم أيضاً".
ويخشى غزاونة أن يضطر إلى إغلاق محله إذا استمرت الحرب، خاصة وقد انخفض دخله خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ويقول إنه كان يكسب حوالى 8000 شيكل (حوالى 1950 يورو) شهرياً، لكن في هذه الأيام لا يدر عمله عليه سوى 2000 شيكل (480 يورو) شهرياً.
ومنذ 7 تشرين الأول، تأثر الاقتصاد الفلسطيني سلباً، وقدر البنك الدولي في كانون الأول أن الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني قد ينخفض بنسبة 6% في العام 2024.
وأعلنت منظمة العمل الدولية في كانون الأول فقدان "32% من الوظائف" في الضفة الغربية، "أي ما يعادل 276 ألف وظيفة".
يعاني من البطالة في الأراضي الفلسطينية وفق التقديرات "حوالى 30% من السكان"، بينما كانت النسبة قبل الحرب بحدود 14%، كما يقول طاهر اللبدي الباحث في الاقتصاد السياسي في المعهد الفرنسي للشرق الأوسط.
كما سحبت إسرائيل عقب اندلاع الحرب 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتركتهم دون دخل.
والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، مفصولة عن الأراضي الإسرائيلية بجدار، ولا يستطيع سكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة الذهاب إلى هناك دون تصريح.
من جهته، يعتبر بشارة جبران مدير شركة الصناعات العربية لمواد التنظيف والتجميل في المنطقة الصناعية في رام الله نفسه محظوظاً، إذ إنه لم يسرح أياً من موظفيه البالغ عددهم 70 موظفاً.
لكن عمله تعرض لضربة قوية عقب اندلاع الحرب، حيث تم إغلاق خط إنتاج الصابون المصنوع من مكونات من البحر الميت بالكامل منذ 7 تشرين الأول.
وإجمالاً، تسبب توقف هذا الإنتاج في خسارة 200 ألف دولار (183 ألف يورو) العام 2023، وهو يتوقع أن يخسر ذات المبلغ خلال العام 2024 مع استمرار الحرب.
رغم ذلك، يواصل بيع المنظفات المخصصة للغسيل والمنتجات المنزلية الأخرى في السوق الفلسطينية، و"المنتجات الأساسية" للمنازل، ما يبقي المصنع قيد العمل.
وكان جبران يعتمد في صادراته على سوق غزة بنسبة 20%، لكن لم يعد أي من بضائعه يدخل إلى غزة. ويوضح أن تكاليف النقل في الضفة الغربية ارتفعت بسبب انتشار نقاط التفتيش وإغلاق بعض البلدات من قبل الجيش الإسرائيلي.
يقول بشارة: "أحياناً يستغرق الأمر للشاحنة أربع أو خمس ساعات للوصول إلى نابلس في الشمال، وعند وصولها لا يستطيع السائق دخول المدينة بسبب حواجز وإغلاقات، فيعود" أدراجه.
يضيف إنه الآن يقوم "بتسليم (شاحنة) واحدة كل يومين أو ثلاثة أيام، بينما في السابق، كنا نسلم اثنتين يومياً".
وقد أدت هذه العوامل إلى "انكماش الاقتصاد" الذي يعمل الآن بنسبة 50% فقط من طاقته، كما يقول عبده إدريس رئيس غرف التجارة الفلسطينية.
ومع الحرب، كان الاقتصاد الفلسطيني "مختنقاً" بالفعل ومعتمداً بشكل كبير على إسرائيل، كما يؤكد طاهر اللبدي.
ومع أن اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، حافظت على "الوضع السياسي الراهن"، فقد وعدت "بالتنمية الاقتصادية" التي "من شأنها أن تجمع الأطراف المختلفة معاً"، كما أوضح اللبدي.
لكن هذا الوضع الراهن تم تقويضه "بسبب الاحتلال في الضفة الغربية. مع تقسيم الأراضي، لم تحدث هذه التنمية الاقتصادية".
ويوضح أنه نتيجة لذلك، في فترات الأزمات، يجد الاقتصاد الفلسطيني الذي يزداد ضعفاً نفسه "محروماً من جميع موارده ولديه قدرة محدودة للغاية على الصمود".
وكمثال على هذا الاعتماد، تسيطر إسرائيل على حدود الضفة الغربية وتقوم بجمع الضرائب على المنتجات الفلسطينية، والتي يجب عليها بعد ذلك تحويلها إلى السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، منذ 7 تشرين الأول، لم يتم دفع هذه الضرائب.
دون أموالها، فإن السلطة الفلسطينية "تواجه صعوبة في دفع رواتب موظفيها المدنيين ونفقاتها الجارية"، كما يوضح اللبدي.
وبحسب وزارة المالية الفلسطينية فإن إسرائيل من المفترض أن تحول شهريا قيمة الضريبة المستحقة للسلطة الفلسطينية البالغ معدلها حوالى 900 مليون شيكل، لكنها لم تحول هذه المبالغ منذ تشرين الأول.
وأعلنت إسرائيل نيتها خصم نسبة من هذه المبالغ والتي كانت السلطة الفلسطينية تخصصها لعملها في قطاع غزة، لكن السلطة الفلسطينية رفضت هذه الخصومات، ما أدى إلى تعليق تحويل المبالغ وتراكمها لتصل تقريبا إلى مليار و800 مليون شيكل (450 مليون يورو).
ولم تدفع رواتب الموظفين لشهر كانون الأول بعد. وفي تشرين الثاني، حصلوا على 65% فقط من رواتبهم و50% في تشرين الأول.
يؤكد بشارة جبران أن "الوضع أسوأ مما كان عليه خلال الانتفاضة الثانية" (2000 - 2005) قائلاً: "حينها كنا نعرف ما يمكن توقعه".
ويضيف بقلق: "من الآن فصاعداً الخوف من المجهول يقتلنا"، ومن المستحيل وضع ميزانية أو توقعات للمبيعات "لأننا لا نعرف إذا ما كنا سنتمكن من الذهاب إلى العمل غداً أم لا".
رام الله - أ ف ب: ينتظر حافظ غزاونة في متجره الصغير في البيرة في الضفة الغربية المحتلة الزبائن بفارغ الصبر، فمنذ 7 تشرين الأول الماضي، لم يشتر منه سوى عدد قليل من الناس السندويشات والفلافل.
قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كان العديد من الحرفيين من الورش المجاورة يأتون إلى محل غزاونة لشراء وجبة الإفطار أو الغداء.
ويقول غزاونة لوكالة فرانس برس: "الآن يحضرون وجباتهم اليومية معهم من منازلهم، لأن الوضع صعب للغاية بالنسبة لهم أيضاً".
ويخشى غزاونة أن يضطر إلى إغلاق محله إذا استمرت الحرب، خاصة وقد انخفض دخله خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ويقول إنه كان يكسب حوالى 8000 شيكل (حوالى 1950 يورو) شهرياً، لكن في هذه الأيام لا يدر عمله عليه سوى 2000 شيكل (480 يورو) شهرياً.
ومنذ 7 تشرين الأول، تأثر الاقتصاد الفلسطيني سلباً، وقدر البنك الدولي في كانون الأول أن الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني قد ينخفض بنسبة 6% في العام 2024.
وأعلنت منظمة العمل الدولية في كانون الأول فقدان "32% من الوظائف" في الضفة الغربية، "أي ما يعادل 276 ألف وظيفة".
يعاني من البطالة في الأراضي الفلسطينية وفق التقديرات "حوالى 30% من السكان"، بينما كانت النسبة قبل الحرب بحدود 14%، كما يقول طاهر اللبدي الباحث في الاقتصاد السياسي في المعهد الفرنسي للشرق الأوسط.
كما سحبت إسرائيل عقب اندلاع الحرب 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتركتهم دون دخل.
والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، مفصولة عن الأراضي الإسرائيلية بجدار، ولا يستطيع سكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة الذهاب إلى هناك دون تصريح.
من جهته، يعتبر بشارة جبران مدير شركة الصناعات العربية لمواد التنظيف والتجميل في المنطقة الصناعية في رام الله نفسه محظوظاً، إذ إنه لم يسرح أياً من موظفيه البالغ عددهم 70 موظفاً.
لكن عمله تعرض لضربة قوية عقب اندلاع الحرب، حيث تم إغلاق خط إنتاج الصابون المصنوع من مكونات من البحر الميت بالكامل منذ 7 تشرين الأول.
وإجمالاً، تسبب توقف هذا الإنتاج في خسارة 200 ألف دولار (183 ألف يورو) العام 2023، وهو يتوقع أن يخسر ذات المبلغ خلال العام 2024 مع استمرار الحرب.
رغم ذلك، يواصل بيع المنظفات المخصصة للغسيل والمنتجات المنزلية الأخرى في السوق الفلسطينية، و"المنتجات الأساسية" للمنازل، ما يبقي المصنع قيد العمل.
وكان جبران يعتمد في صادراته على سوق غزة بنسبة 20%، لكن لم يعد أي من بضائعه يدخل إلى غزة. ويوضح أن تكاليف النقل في الضفة الغربية ارتفعت بسبب انتشار نقاط التفتيش وإغلاق بعض البلدات من قبل الجيش الإسرائيلي.
يقول بشارة: "أحياناً يستغرق الأمر للشاحنة أربع أو خمس ساعات للوصول إلى نابلس في الشمال، وعند وصولها لا يستطيع السائق دخول المدينة بسبب حواجز وإغلاقات، فيعود" أدراجه.
يضيف إنه الآن يقوم "بتسليم (شاحنة) واحدة كل يومين أو ثلاثة أيام، بينما في السابق، كنا نسلم اثنتين يومياً".
وقد أدت هذه العوامل إلى "انكماش الاقتصاد" الذي يعمل الآن بنسبة 50% فقط من طاقته، كما يقول عبده إدريس رئيس غرف التجارة الفلسطينية.
ومع الحرب، كان الاقتصاد الفلسطيني "مختنقاً" بالفعل ومعتمداً بشكل كبير على إسرائيل، كما يؤكد طاهر اللبدي.
ومع أن اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، حافظت على "الوضع السياسي الراهن"، فقد وعدت "بالتنمية الاقتصادية" التي "من شأنها أن تجمع الأطراف المختلفة معاً"، كما أوضح اللبدي.
لكن هذا الوضع الراهن تم تقويضه "بسبب الاحتلال في الضفة الغربية. مع تقسيم الأراضي، لم تحدث هذه التنمية الاقتصادية".
ويوضح أنه نتيجة لذلك، في فترات الأزمات، يجد الاقتصاد الفلسطيني الذي يزداد ضعفاً نفسه "محروماً من جميع موارده ولديه قدرة محدودة للغاية على الصمود".
وكمثال على هذا الاعتماد، تسيطر إسرائيل على حدود الضفة الغربية وتقوم بجمع الضرائب على المنتجات الفلسطينية، والتي يجب عليها بعد ذلك تحويلها إلى السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، منذ 7 تشرين الأول، لم يتم دفع هذه الضرائب.
دون أموالها، فإن السلطة الفلسطينية "تواجه صعوبة في دفع رواتب موظفيها المدنيين ونفقاتها الجارية"، كما يوضح اللبدي.
وبحسب وزارة المالية الفلسطينية فإن إسرائيل من المفترض أن تحول شهريا قيمة الضريبة المستحقة للسلطة الفلسطينية البالغ معدلها حوالى 900 مليون شيكل، لكنها لم تحول هذه المبالغ منذ تشرين الأول.
وأعلنت إسرائيل نيتها خصم نسبة من هذه المبالغ والتي كانت السلطة الفلسطينية تخصصها لعملها في قطاع غزة، لكن السلطة الفلسطينية رفضت هذه الخصومات، ما أدى إلى تعليق تحويل المبالغ وتراكمها لتصل تقريبا إلى مليار و800 مليون شيكل (450 مليون يورو).
ولم تدفع رواتب الموظفين لشهر كانون الأول بعد. وفي تشرين الثاني، حصلوا على 65% فقط من رواتبهم و50% في تشرين الأول.
يؤكد بشارة جبران أن "الوضع أسوأ مما كان عليه خلال الانتفاضة الثانية" (2000 - 2005) قائلاً: "حينها كنا نعرف ما يمكن توقعه".
ويضيف بقلق: "من الآن فصاعداً الخوف من المجهول يقتلنا"، ومن المستحيل وضع ميزانية أو توقعات للمبيعات "لأننا لا نعرف إذا ما كنا سنتمكن من الذهاب إلى العمل غداً أم لا".