الرئيسية » الاخبار »   22 شباط 2025  طباعة الصفحة

أسعار شهر رمضان والنقاش المكرر الكاتب: صلاح هنية

كلٌ يتخندق خلف موقفه منذ عشرين عاماً مضت، وتتكرر الحكاية ولا يتغير الرواة إلا إذا تسلم جيل جديد، نفس التفسير عن سعر اللحوم الحمراء منذ سنوات مضت ويتكرر أمامك، الدواجن كذلك الحال، الأرز والزيوت النباتية، لائحة أسعار تُردد عن ظهر قلب، من المصنع في دول العالم إلى الميناء إلى البحار، الى كل التفاصيل، ويصبح هذا سيفاً مسلطاً على رقبة المواطن الجالس هناك دون غلاء معيشة، ولا زيادة في الدخل، بل تآكل في الدخل ودفع نسبة من الرواتب.
لسان حال الناس : مللنا التكرار دون جدوى، وهذا يقود للتشكيك بكل شيء ..الرقابة، الضبط، تكثيف متابعة الأسواق، ويدللون على حالة الملل باستفسارات استنكارية تعبر عن درجة عدم الرضا: مثل كيلو غرام الخبز كم غرام، لماذا الكيلو غرام 800 غرام وليس 1000 غرام، الأرز يُباع على مدار سنوات 5 كيلو غرام ويوضع له سعر على أساس الوزن، تتسوق وتمضي فتكتشف انه 4 كيلو غرام، والسلع مسبقة التغليف تارة لتر وتارة كيلو غرام، والسعر حدّث ولا حرج.
ترتفع أسعار اللحوم الحمراء ويتكرر السيناريو مثل كل عام في رمضان وقبله، وتبدأ عملية الإنكار (حكي مش دقيق) وعندما تكبر كرة الثلج شعبياً تهاجم وزارة جمعية حماية المستهلك، لأنها أثارت ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء وترمي الكرة في ملعبها: الجمعية مسؤولة عن الأسعار ولسنا نحن!!!!!، ثم يبدأ انتباه جزئي دون تدخل حاسم تريثاً لحين صدور الأسعار الاسترشادية لنبدأ معركة قديمة قدم السنوات (لا يتماشى مع الواقع) (من أين أتيتم بتلك الاسعار) (تسوقوا من اللائحة الاسترشادية) وهنا تعلق الأمور ويمضي رمضان والناس تصيح، الى أن نصل النصف الثاني من الشهر الفضيل فيذهب الناس صوب كسب فضل العشر الأواخر من رمضان، ويتغاضون عن الأمر ويبتهلون لله العلي القدير بالدعاء.
في كواليس المشهد هناك لاعبون محترفون لا يوازيهم أحد، يحركون المشهد وهم مرجعية هذا المشهد، والناس غلابة لا يرون الا المسرح، تاريخياً هناك كبار لكل قطاع يحسمون الأمور ويضعون عدة سيناريوهات، ويوزعون اللاعبين بشكل جيد جداً، ويخلقون حالةً من عدم الاستقرار في السوق بالأسعار والكميات «وأحوال أسواق أوروبا سعرياً» وتارة «متاح الاستيراد من هنا وممنوع من هناك»، وفي المساء يظهرون بجلسات اجتماعية ليلفتوا نظر الناس المتلقين: أين الوزارات؟ نحن مسؤولون نطعم المواطنين بخسارة؟ لماذا لم ينتبهوا من زمان؟ فيتشكل رأي عام مصدره اللاعبون الرئيسيون في الكواليس الذين يشحنون الناس عكس حقوقهم التي يجب ان ينتصروا لها!!!!!!!!11
طبعاً المستهلك الفلسطيني يتعامل مع المشهد السعري الاقتصادي مثل تعامله مع كل قضاياه (الله لا يجبرهم خربوا بيتنا) (لا يوجد رقابة) (لا يوجد من يحس بنا وبهمومنا) أُطلب من المستهلك أن يقدم شكوى فيرفض.
المشهد برمّته يحتاج الى تغيير: وزارات تمتلك أدوات لضبط وتنظيم السوق، ومحاربة الاحتكار ومنع التغول بالأسعار، وكشف اللاعبين الخفيين في كل القطاعات. القطاع الخاص عليه مسؤوليات جمة لأنه في النهاية مستهلك، ومن ذهل من معطيات أسعار اللحوم منهم يجب أن يتحرك لوقف هول المأساة، القطاع الخاص ليس دقيقاً عندما يتذكر أسعار الأعلاف فقط في رمضان، ويتذكر الاستيراد وعقباته أسبوعين قبل رمضان.