استغلت اسرائيل تعطل "العملية السياسية" منذ عام 2000 لفرض الحقائق على الارض ليس من خلال بناء جدار الفصل العنصري والاستيطان وتهويد القدس فحسب بل ومن خلال العمل على تهويد وضم الاغوار وباقي اراضي المنطقة ج التي تشكل معظم اراضي الضفة الغربية، وبالمقابل فإن الفلسطينيون يواجهون ذلك حتى الان بقليل من الفعل وهذا يستدعي مراجعة جادة وتحركا عمليا لمحاولة حماية وانقاذ تلك المنطقة.
خلفية
قسم اتفاق أوسلو المرحلي لعام 1995 الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق ألف وباء وجيم، من حيث الصلاحيات الأمنية والترتيبات الإدارية والسلطات المختلفة بحيث تم تجزئة مساحة الأراضي التي يشرف عليها الفلسطينيون (المنطقة أ المقابلة لجميع المراكز السكانية الرئيسية والمنطقة (ب) تشمل معظم المراكز الريفية) إلى العديد من الجيوب، مع نظام للقيود المفروضة على التنقل بينهما. وتحاط هذه الجيوب من المنطقة (ج)، التي تغطي كامل المنطقة المتبقية من الضفة الغربية، هذه المنطقة واقعة تحت السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي حيث تشمل صلاحياته فيها الأمن والشؤون المدنية المتعلقة بالأراضي، بما في ذلك إدارة الأراضي والتخطيط، والكثافة السكانية فيها ضئيلة وهي غير مستغلة (باستثناء المستوطنات الإسرائيلية والمناطق المحيطة بها)، وتشمل غالبية الأراضي (60٪ تقريبا) بينما يعيش عليها حوالي 6% من سكان الضفة الغربية فقط ولم تصنف القدس الشرقية ضمن المنطقة أ، ب أوج في اتفاق أوسلو المؤقت حيث أن وضعها كان من المقرر أن يحل في مفاوضات الوضع النهائي.
وقد كان القصد من هذا التخصيص، الذي ينص على الإدارة الفلسطينية على معظم المناطق المأهولة ويعطي السلطة الفلسطينية سيطرة محدودة على الموارد الطبيعية والأراضي الزراعية، أن تكون تلك الترتيبات مؤقتة فقط، وكان من المفترض أن تتولى السلطة الوطنية السيطرة على حصة متزايدة من المنطقة ج. ومع ذلك تم تحويل القليل من الأراضي لها منذ توقيع اتفاق أوسلو المؤقت وقد جمدت هذه العملية بالكامل منذ عام 2000 وعلى العكس تم اجتياح المناطق ا و ب وان خرج الجيش الإسرائيلي من المناطق الأخيرة لاحقا، ومنذئذ ينمو عدد السكان الفلسطينيين وتنمو معه الحاجة إلى موارد إضافية للتنمية، مما جعل هذا الوضع بسبب طول أمده عقبة خطيرة على نحو متزايد أمام لنشاط الاقتصادي. وتخصص حكومة إسرائيل حاليا 38٪ من مساحة الأراضي في المنطقة ج لخدمة المستوطنات والأهداف الأمنية ونظام نقاط التفتيش وإغلاق الطرق والجدار الفاصل .
الأهمية الجيوسياسية
للأرض أهمية أساسية في النشاط الاقتصادي والتنمية فغالبا ما تكون من أكثر الوسائل شيوعا لتخزين الثروة ورصيدا قويا للاستثمار، فهي توفر أساسا للنشاط الاقتصادي في قطاعات متنوعة مثل الزراعة والصناعات والإسكان والسياحة، بل هي أيضا عامل أساسي في عمل السوق كضمان للائتمان، و في عمل المؤسسات العامة وخصوصا الحكومات المحلية. وفي الضفة الغربية تستحوذ الأرض على أهمية خاصة، حيث يتم خنق النشاط الاقتصادي بسبب القيود الإسرائيلية على حركة الناس وصعوبة الوصول إلى الموارد الطبيعية. وتعود الأهمية الإستراتيجية للمنطقة ج إلى تشكيلها الغلاف المحيط بمناطق ا،ب وصلة الوصل بينها؛ وهي التي تشكل الحدود مع إسرائيل من الغرب والشمال والجنوب والأردن من الشرق وهي المخرج الوحيد للضفة الغربية إلى العالم وفيها المخزون الاحتياطي من الأراضي والموارد الطبيعية بما فيها المياه اللازمة للتوسع العمراني والسكان والنشاط الاقتصادي ولشمولها لمحميات طبيعية ومراعي واسعة.
وتمتاز المناطق ج بان كثير من أراضيها بكر وغير مستغلة وبأنها تضم مساحات واسعة من الأراضي الحكومية والأميرية وممتلكات الأوقاف، وبمحاذاتها لنهر الاردن والبحر الميت وتكتنز معظم الآبار الجوفية.
الإطماع الإسرائيلية
بدعوى ضرورتها الأمنية والإستراتيجية من حيث الموقع الجغرافي لحماية "الجبهة الشرقية" و"خاصرة" إسرائيل في الوسط وضمان تهويد القدس وتنفيذ المشروع الاستيطاني والتواصل بين جنوب إسرائيل وشمالها من خلال الأغوار وتماس قسم كبير منها مع حدود 1967مع إسرائيل وقرب قسم رئيسي منها من العمق الإسرائيلي ووجود معظم الآبار الجوفية في نطاقها، فقد عملت سلطات الاحتلال على تفريغ المنطقة ج من سكانها والاستيلاء عليها بصورة تدريجية مستغلة ضآلة عدد السكان المقيمين عليها وحالة التقاعس والإهمال المزمن من الجانب الفلسطيني للتوطن والاستثمار في هذه المناطق. وعدا عن ممارسات الجيش واقامته للمناطق العسكرية المغلقة والمستوطنات وعسف المستوطنين والجيش والجدار العنصري الفاصل والقيود المفروضة على التنقل من خلال الحواجز والبوابات الإسرائيلية تقوم اسرائيل بتنفيذ سياسة تنظيم ووضع هياكل تنظيمية تتناقض مع احتياجات السكان الأصليين بهدف تهجيرهم .
الاراضي وفرص الاستثمار
تميل الهياكل التنظيمية المذكورة للحد من تطور حدود القرى القائمة، مع توفر مساحة قليلة جدا لاستيعاب النمو الديموغرافي، مما يتسبب في وضع غير منطقي لاستخدام الأراضي والإدارة غير السليمة للبيئة. كما أن نظام رخص البناء يبطئ أو يوقف تماما معظم البناء وكذلك يفعل نظام إدارة الأراضي ونظام منح تراخيص للآبار وتشديد الرقابة على استخدامها، والى جانب ذلك تقوم سلطات الاحتلال بمصادرة الأراضي والممتلكات وتتصاعد حملات هدم المباني ويقوم المستوطنون بتدمير الممتلكات وترويع السكان ، إتلاف وإحراق المزروعات وإحراق المساجد، وقطع الطرق وتلويث البيئة، وفي الوقت الذي يؤثر ذلك في تآكل حقوق الملكية للشعب الفلسطيني، يشكل مصدرا للقلق يتعارض مع الاستثمارات والنمو.
ولا تقتصر النتائج المترتبة على هذه السياسة على المنطقة ج بل تتعداها للمناطق الخاضعة للسيطرة الإدارية للسلطة الفلسطينية، حيث يقيم معظم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية اليوم. ومع انه عند توقيع اتفاقات أوسلو، تم رسم الحدود من منطقة ا و ب حول المراكز السكانية الحضرية والريفية، ولم يكن المقصود من هذا الترتيب استيعاب النمو على المدى الطويل ومواجهة التحديات الديمغرافية وما يتصل بها من تطوير للبنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية. فقد كان ذلك مقبولا فيما لو تم السيناريو المؤقت وجرى التفويض التدريجي على مساحات أكبر من الأراضي من المناطق ألف وباء، والتي وفقا لاتفاقية أوسلو المرحلية كان ينبغي ان تتم خلال ثمانية عشر شهرا. والآن بعد اثني عشر عاما من إعادة الانتشار الإسرائيلي من المنطقة (ج)لا يوجد لدى الفلسطينيين حتى الحد الأدنى من الاحتياجات والموارد الطبيعية. فنقل ملكية الأراضي من ا و ب و ج لم تواكب النمو السكاني، كما شكلت الطرق المخصصة للمستوطنين حواجز إضافية للفلسطينيين، وكذلك فعل فصل الطرق المخصصة لتواصل الفلسطينيين، إلى جانب تنمية المستوطنات في كثير من الأحيان على مقربة، أو بشكل متاخم مباشرة للمدن الفلسطينية، وللفضاء الفلسطيني مما خفض إمكانية التواصل بين المناطق الفلسطينية بشكل كبير، وبالتالي فقد ارتفعت قيمة بعض الأراضي الشاغرة في المنطقة ا و ب التي تم فصلها عن مراكز الحياة الاقتصادية.
السكان والوضع الديموغرافي:
لا يوجد اليوم سوى جزء ضئيل من السكان الفلسطينيين يقيم في المنطقة (ج)، حيث إطار الحوافز وعدم اللجوء إلى القضاء غير مواتيين للسكان الفلسطينيين على البقاء. فسكان منطقة ج هم أساسا من المزارعين والرعاة من البدو الرحل، الذين يميلون للعيش أسوأ حالا من عامة السكان من حيث المؤشرات الاجتماعية، كونها الأقل حظا في الخدمات العامة والبنية التحتية، وحرمانهم من التصاريح لتطوير منازلهم أو الاستثمار في الزراعة وغيرها من الأعمال. وبالمقارنة فهي حتى أقل ملائمة بكثير مع غيرها لسكان آخرين في المنطقة (ج)، أي المستوطنين الإسرائيليين، الذين يتزايدون باضطراد وقد بلغ تعدادهم في مستوطنات الضفة الغربية عدا القدس نحو 330 الف مستوطن نتيجة التسهيل عليهم للوصول إلى مساحات أكبر بكثير من الأرض، حيث يواجهون تخطيطا أكثر مرونة وأنظمة بناء متساهلة ولها وسائل الانتصاف القانونية.
ووفقا لمكتب مراقب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة "اوتشا" يقدر عدد سكان المنطقة ج 150,000 تقريباً يعيش ثلثهم في تجمعات تعاني بصورة عامةّ من نقص أكثر خطورة في مجال الاحتياجات الإنسانية ومجال الحماية مقارنة بالمجتمعات الأخرى في المنطقة )ج(، ويعيش ما يقرب من 18,500 شخص من السكان الذين يقطنون في مجمعات تقع برمتها في المنطقة )ج ( في قرى صغيرة مستقرة، بينما يعيش ما يقرب من 27,500 شخص في مجمعّات بدوية ورعوية أخرى يقع العديد منها في مناطق نائية ويعتبر هؤلاء أكثر سكان الضفة الغربية احتياجاً، ويعيشون في مبان بسيطة)مثل الخيام، وبيوت الصفيح، وغيرها( وقدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية و الثقافية والرياضية محدودة جدا، ولا توجد لديهم أي بنى تحتية خدمية مناسبة )كشبكات المياه، والصرف الصحي والكهرباء(وترتفع في أوساط هذه المجتمعات نسبة انعدام الأمن الغذائي، حيث تصل إلى 55 بالمائة، وذلك بعد تلقي المساعدات، مقارنة بمعدل إجمالي يبلغ 22 بالمائة في الضفة الغربية ويعود ذلك إلى تدني الدخل وفرص العمل. بغض النظر عن الدافع وراء السياسات المختلفة التي تطبقها إسرائيل في المنطقة )ج(، فإنّ تأثيرها على تلك المجتمعات جعل التطويرفيها مستحيلاً فعلياً، وفرض ظروفاً معيشية لا يطيق كثيرون العيش فيها، وحرم السكان من تحصيل مصدر رزق مستدام.
كما يعاني سكان هذه التجمعات من القيود المفروضة على الوصول إلى البنى المادية ومتطلبات الترخيص التي تقيد حركة الناس و السلع هي الأكثر وضوحا،كما يعانون من التهجير القسري والطرد بالقوة، والمصادرة ونزع الملكية، وسحب بطاقات الهوية والإقامة، والمداهمات والاعتقالات وحوادث التدمير المتكررة للأشجار، والمنازل الخاصة والبنية التحتية العامة، فضلا عن تعديات المستوطنين على الأراضي الخاصة يخلق حالة دائمة من انعدام الأمن الذي يعوق الاستثمار في المنطقة ج. وفي الوقت نفسه، فإن استخدام الأراضي وأنظمة التخطيط في المنطقة (ج) تبدو عواقبه أقل وضوحا ولكنها لا تقل ضررا على التنمية الاقتصادية الفلسطينية.
اقتصاد المنطقة ج في إطار الاقتصاد الوطني:
في أعقاب اتفاقات أوسلو، كان من المتوقع للاقتصاد الفلسطيني الدخول في فترة من النمو المطرد والسريع. وبدلا من ذلك، بعد سنوات قليلة من النمو، وبدءا من عام 2000، أصبح الاقتصاد الفلسطيني في تراجع مستمر، مع ناتج محلي إجمالي ونصيب فرد من الناتج المحلي الإجمالي متدهور وصل الى 14٪ و 40٪ على التوالي عن الذروة التي بلغتها في 1999، والفقر في ازدياد. وفي الوقت نفسه نجحت المساعدات الخارجية في فعل أكثر قليلا من إبطاء تدهور الاقتصاد، على الرغم من أن المساعدات بلغت قدرا أكبر من أي وقت مضى.
يقتصر النشاط الاقتصادي في المنطقة (ج) في المقام الأول على الزراعة ذات الكثافة المنخفضة لرأس المال والعمالة. فقد أعاقت القيود الإسرائيلية توفر كثافة عالية في الاستثمارات الزراعية والصناعية، والإسكان والسياحة وغيرها نتيجة الصعوبة في الحصول على تصاريح البناء والكمية المحدودة من الأرض المتاحة بسبب وقف تسجيل منهجي للأراضي منذ عام 1967، مما قيد تطوير الأراضي من خلال تطبيق خطط إقليمية قديمة يعود تاريخها إلى فترة الانتداب البريطاني. حيث خطط رئيسية قرية المتاحة، وانهم مستعدون من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية من دون مشاركة المجتمع المحلي والتنمية في المقام الأول إلى الحد من تعبئة القائمة في المناطق المتقدمة. وتراخيص البناء نادرة ويصعب الحصول عليها، حيث تمت الموافقة على عدد قليل سنويا منها على مدى السنوات القليلة الماضية. في غضون ذلك، تواصل البناء غير المرخص نتيجة لاحتياجات التوسع السكاني على الرغم من أن معدل هدم البناء يفوق بكثير معدل الموافقات على الترخيص من قبل السلطات الإسرائيلية وقد أدى هذا التقسيم الإقليمي إلى تشويه أسواق الأراضي من خلال خلق نقص في الأراضي الصناعية.
ولا يقتصر اثر ما يحصل في المنطقة ج عليى اقتصادها بل يتعداه الى اقتصاد المنطقتين ا وب . فالأراضي الشاغرة نادرة في المنطقة (أ) وفقط فإن الأجزاء التي يمكن الوصول إليها من المنطقة باء تلك التي تكون مناسبة للتنمية، في حين أن المنطقة (ج) غير مرغوب فيها لأغراض التنمية نظرا للصعوبات في الحصول على رخص بناء من السلطات الإسرائيلية. في الوقت نفسه، فإن الطلب يتزايد تزايدا سريعا نتيجة تزايد عدد السكان الذين يتقاضون رواتب من القطاع العام و / أو يحصلون على التحويلات المالية، وكذلك من قبل المستثمرين الذين تعوزهم الفرص المربحة الأخرى. ونتيجة لذلك فإن أسعار الأراضي في بعض المدن أصبحت باهظة على الأنشطة الاقتصادية، فارتفاع أسعار المحلات التجارية وارتفاع أسعار المبانى السكنية يتسبب في ارتفاع تكاليف السكن ومزاحمة الأنشطة الاقتصادية الأخرى على القطع النادرة المتاحة للتنمية، ومع ذلك لا يزال هناك نقص في المساكن. ويعتبر ذلك معيقا للتنمية الصناعية إضافة إلى مجموعة من المعوقات التجارية وعدم توفر قطع الأراضي الصناعية بأسعار معقولة. وأما الاستثمار العام في البنية التحتية وعلى نحو مماثل فقد توقف تقريبا، ويرجع ذلك جزئيا إلى نقص الأموال العامة، ولكن حتى عندما تتوفر أموال من المانحين، فالأراضي الصالحة هي في معظمها في المنطقة (ج) حيث نادرا ما يتم الحصول على تصاريح بناء وان تم ذلك فبعد تأخير طويل وعناء كبير. وفي المناطق ا و ب هناك القليل من أرض البلدية ولا يعتبر اللجوء في معظم الأحيان إلى سوق الأراضي ليست خيارا نظرا لارتفاع الأسعار.
لا يمكن للتنمية الحضرية أن يتم تخطيطها وتنفيذها في معظم المناطق بطريقة عقلانية، فبدلا من التخفيف من وطأة أزمة السكن، والمشاكل البيئية الناجمة عن الكثافة السكانية العالية يؤدي الازدحام وندرة الأراضي إلى تحول نمط التنمية الحضرية نحو الإسكانات العالية و متعددة الطوابق وابتعاده عن الأنشطة الاقتصادية والبنية التحتية العامة الأساسية. لهذا تتفاقم الصعوبات بسبب الحاجة للحصول على تصاريح من الإدارة المدنية لتحديد أنواع معينة من البنية التحتية للتلوث، مثل معالجة مياه الصرف الصحي ومكبات النفايات الصلبة بعيدا عن السكان. وعدم القدرة على الحصول على مثل هذه التصاريح يترك الفلسطينيين عرضة للخطر من المخاطر الصحية والسلامة بسبب استخدام نظم قديمة أو غير كافية. ويؤدي كذلك إلى وجود بعض الصناعات الملوثة و إنشاء المصانع الخطرة داخل المدن مما يتسبب في مخاطر جمة على السكان،. أخيرا فإن ضيق حدود المدن الفلسطينية، يجعل من غير الممكن توفير ما يكفي من الأراضي لتأمين مساحات مفتوحة للناس يتمتعون بها في الطبيعة.
التدخلات المطلوبة: في مواجهة الوضع اعلاه لابد من قيام الفلسطينيين بمجموعة من النشاطات المقترحة:
1. مواصلة حملة المقاومة الشعبية الفلسطينية السلمية ضد الاستيطان وجدارالفصل العنصري وتهويد القدس ومصادرة الاراضي والممتلكات وهدم البيوت وفي مواجهةالقيود الاسرائيلية على البناء وحرية التنقل و الحركة والعمل وللدفاع عن اراضي سكان المنطقةج وبيوتهم ومزارعهم من عسف المستوطنين وجيش الاحتلال.
2. تفعيل الحملة الدبلوماسية والاعلامية الفلسطينية لتجنيد الرأي العام العالمي وتعبئة جهود المانحين ونشطاء السلام والمنظمات الدولية لتوفير الحماية والدعم للسكان الفلسطينيين في منطقة ج وللضغط على إسرائيل للتقدم نحو الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، من خلال القيام بمجموعة من التدابير وفقا "لاوتشا" منها :
· وقف تهجير وطرد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويتضمن ذلك الوقف الفوري لعمليات هدم المباني التي يمتلكها الفلسطينيون بما في ذلك المنازل والمدارس والمباني التي ـاويهم وتوفر لهم الخدمات ويكسبون منها رزقهم وآبار تجميع المياه، إلى أنّ يتمتع الفلسطينيون بقسط عادل وغير متحيزّ من عمليات التخطيط وتقسيم الأراضي، بما في ذلك مشاركة السكان على جميع أصعدة هذه العملية.
· يجب أنّ يتم السماح للعائلات التي تم تهجيرها بالعودة إلى أراضيها ومنازلها بأمن وكرامة، ويجب أن تمُنح الحق في الوصول إلى وسائل فعاّلة لعلاج الضرر الذي عانت منه كتدمير الأراضي وهدم المنازل والممتلكات.
· وقف تسهيل نقل المدنيين الإسرائيليين إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك تجميد جميع النشاطات الاستيطانية انسجاماً مع خارطة الطريق؛وƒ التحقيق في جميع أشكال العنف والتخويف التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون وملاحقتها قضائياً بطريقة مستقلة وغير متحيزّة وفعالة وشاملة وفورية.
· تحسين وصول الفلسطينيين وتنقلهم في الضفة الغربية وخصوصاُ إلى الأراضي والموارد الواقعة في غور الأردن، وإلى مناطق تقع خلف الجدار، وإلى الأراضي الواقعة بجوار المستوطنات الإسرائيلية، وإلى أراض أعلن أنها مناطق مغلقة لأغراض التدريب العسكري أو محمياّت طبيعية؛
· الغاء القرارات المتصلة باستخدام أراضي الدولة” وموارد المياه للمجتمعات الفلسطينية الأكثر ضعفاً في المنطقة )ج(؛ ويجب عدم تخصيص أراضي الدولة” لاستخدام المستوطنات الإسرائيلية؛
· تطبيق إجراءات تساعد المجتمعات البدوية على المحافظة على أساليب حياتها التقليدية. ويجب عدم اتخاذ أي قرارات تتعلق بهذه المجتمعات دون استشارة أفراد هذه المجتمعات أنفسهم ومشاركتهم وموافقتهم؛
· وقف بناء الجدار، وتفكيك الأجزاء التي بنيت أو إعادة ترسيم مسارها لتحاذي الخط الأخضر وإبطال نظام البوابات والتصاريح المتصل بها امتثالا للرأي الاستشاري الصادر من محكمة العدل الدولية عام 2004 ؛
· تمكين منظمات الإغاثة الإنسانية من تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية في المنطقة )ج(كنصب الخيام،وترميم الآبار وغيرها( انسجاماً مع الضرورة الإنسانية، دون الخشية من التعرضّ للملاحقة القانونية أو تجريم الوكالات أو المستفيدين على يد السلطات الإسرائيلية
3. اتخاذالسلطة الوطنية إجراءات إضافية بمساعدة الدول المانحة لزيادة دعمها لمجتمعات المنطقة )ج(، وخصوصاً المجتمعات البدوية والرعوية التي تعاني من عدم القدرة للاحتفاظ بمصادر رزقها ووجودها على أرضها في خضم الظروف الصعبة.
استراتيجية التنمية الاقتصادية المقترحة للمنطقة ج
في مواجهة اتجاه التدهور الاقتصادي الحالي فإن المطلوب تحفيز القطاع الخاص واستثمارات القطاع العام. وهذا بدوره يتطلب العمل ما امكن على زيادة المساحة المتاحة للفلسطينيين للتنمية الحضرية والريفية في الضفة الغربية، بما في ذلك معالجة تأثير التلوث البيئي على نحو متزايد، ووقف توسع النشاط الاستيطاني الإسرائيلي وأثاره على الاقتصاد الفلسطيني، والتمكن من استخدام الأراضي من خلال نظام تخطيط تشاركي يعتمد على سياسة إدارة عصرية تعزز بدلا من أن تحد من النمو والتنمية وتعزز الاستخدام الرشيد للموارد من الأراضي والمياه في الضفة الغربية بأكملها.
في موازاة ذلك، فإن السلطة الوطنية بحاجة إلى تعزيز قدرتها على التخطيط وإدارة الأراضي، مع انه ليس من السهل على السلطة الوطنية تحسين الوضع في جميع الجوانب المتعلقة بإدارة الأراضي واستخدامها وتنمية القدرة على تنفيذ نظام منهجي لتسجيل الأراضي وتخصيص الأراضي العامة وإدارتها وتخطيط التنمية بوتيرة سريعة. وينبغي تنفيذ القرارات والتدابير الرئيسية التي اتخذها مجلس الوزراء الفلسطيني لإصلاح قطاع الأراضي منذ سنوات، ومطلوب من الجهات المانحة استمرار الدعم لإصلاح السياسات وتحسين البيئة القانونية وتوفير الامكانيات لتنفيذ البرنامج الوطني لتسجيل الأراضي.
الآليات والمحاور المقترحة لاستراتيجية التنمية
- تشكيل هيئة وطنية لتنمية الاغوار ولانقاذ المنطقة ج تكون تحت مظلة رئاسة الوزراء او وزارة التخطيط ويتبعها صندوق مخصص لتمويل المشاريع يدار باشراف وزارة المالية؛
- في مجال الاحصاء: نتيجة لعدم تصنيف البيانات وفقا للمناطق ا،ب،ج ظهر نقص في البيانات عن المنطقة ج لذا هناك ضرورة لتصنيف البيانات في جميع المجالات وفقا للتجمعات الجغرافية وتوفيرهاللجهات ذات العلاقة سواءا للتخطيط او التحليل اوالمتابعة؛
- في مجال التخطيط والتنمية الادارية: وضع استراتيجية و خطة وطنية خاصة بالمنطقة ج وتجنيد التمويل ودعم المانحين لها، بناء قاعدة بيانات عن المشاريع المنفذة او قيد التنفيذ او المقترح تنفيذها.
- في مجال الحكم المحلي: وضع برنامج لتفعيل المجالس القروية ولجان التجمعات البدوية ومساندتها ودعم مشاريعها؛ العمل على توسيع حدود المجالس القروية واستقرار التجمعات البدوية، المساعدة في التخطيط الهيكلي ، ومساعدة العائلات المتضررة من عدم الحصول على تراخيص والتي تتعرض بيوتها للهدم.
- في مجال الزراعة: توفير خدمات الارشاد والتدريب ورعاية المشاريع الزراعية في مجالات الانتاج النباتي: زراعة النخيل، الحمضيات، الخضروات، ومشاريع الانتاج الحيواني: الماشية والطيور ورعاية المحميات الطبيعية والمراعي
- في مجال المياه :رعاية مشاريع حفر الابار وادارتها وتوفير مياه الري و الشرب؛
- في مجال السياحة والاثار: نظرا لاهمية الاغوار ومناطق ج الاخرىومؤهلاتها السياحية ضرورة رعاية المشاريع السياحية والاماكن الاثرية والتاريخية والترفيهية في اريحا والبحر الميت و الاغواروعموم المنطقةج؛
- في مجال الاشغال العامة: تأهيل البنية التحتية وتوفير الابنية العامة وتشجيع انشاء الاسكانات و صيانة المساكن وشق وتأهيل الطرق (الطرق المعبدة والطرق الزراعية)، الربط بشبكات المجاري، اقامة وتأهيل المنتزهات واماكن الترفيه والملاعب؛
- في مجال التربية والتعليم: توفير مستلزمات تأهيل وتجهيز المدارس وخصوصا توفير الغرف الصفية الكافية في المدارس ورياض الاطفال وتطوير كفاءة الكادر العامل فيها؛
- في مجال الصحة: توفير خدمات الرعاية الصحية والمستوصفات للتجمعات المختلفة وبشكل منتظم؛
- في مجال الصناعة والتجارة: رعاية وتحفيز الاستثمار في المشاريع الصناعية والمناطق الصناعية والحرفية، وتأهيل المنشآت الانتاجية والخدمية، توفير الامداد والتموين المنتظم للتجمعات المختلفة؛
- في مجال الطاقة: ربط التجمعات السكانية بالطاقة الكهربائية وتطبيق برامج الطاقة البديلة
- في مجال الشئون الاجتماعية: متابعة برامج المساعدة الاجتماعية للعائلات الفقيرة وتوفير الخدمات الاجتماعية في جميع التجمعات السكانية وتشجيع النوادي الرياضية.
- في مجال العمل: برامج التشغيل والتدريب المهني وتشجيع الجمعيات التعاونية
- في مجال البيئة: توفير وادارة مكبات النفايات الصلبة ومعالجة مكبات المياه العادمة ومواجهة ظواهر و اثار التلوث البيئي خصوصا المترتب عن المستوطنات.
- لتنفيذ هذه الاستراتيجية لا بد من تضافر جهود جميع الشركاء: القطاع العام، القطاع الخاص، منظمات المجتمع المدني، المانحين و المنظمات الدولية. ومن الممكن ان تشكل المشاريع في هذه المنطقة بصورة خاصة مجالا مهما لترجمة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما من الممكن تنشيط دور الجمعيات التعاونية في تنفيذ العديد من المشاريع في اطار هذه الاستراتيجية.