تلقيت صباح هذا اليوم نبأ وفاة القائد النقابي التروبي المرحوم انيس محمد ابريوش نائب الامين العام للاتحاد العام للمعلمين الفلسطينين وأمين سر المكتب الحركي للمعلمين.
شخصيا وقع النبأ علي كالصاعقة وانا من الذين يؤمنون بالقضاء والقدر خيره وشره وحتمية الموت، ولكن أنيس ( ابو تامر ) وهو الذي يكبرني عمرا ليس كثيرا جمعتنا الايام الطويلة في ذات الحارة في مدينة رام الله لما يزيد عن ثلاين عاما عشنا فيها كل مراحل العمرية، وكان ( ابا تامر ) رجل والرجال قليل فهو دمث الاخلاق صبور معطاء إلى ابعد الحدود، وكان جارا طيبا بكل معايير طيبة الجار.
عمل المرحوم انيس ابريوش استاذا في دار اليتيم العربي الصناعية منذ تخرجه من بولتكنيك القاهرة، وفي العام 1985 انخرط في العمل النقابي من خلال تأسيسه نقابة معلمي المدارس الخاصة في القدس، يومها كانت تلك التجربة قصة نجاح بامتياز، واظهرت ( ابو تامر ) كم كان مجدا ومعطاء وقائدا نقابيا حقيقيا.
ومع انطلاق الانتفاضة الشعبية اكبرى في العام 1987 ظل انيس ابريوش زائرا دائما لمعتقل النقب الصحراوي وظل جيبه يتزين بالهوية الخضراء التي كانت تميز المعتقلين الادارين عن غيرهم من المواطنين العادين بحيث لم يتمكن من التنقل خارج مدينته رام الله.
أذكر انيس ابريوش ابا طيبا وقدوة حسنة، اذكر النهفات التي كانت تقع معه رحمه الله يوم كان يجتمع الاصدقاء المشاكسين ( خليل رزق وحسن علوي) وتنقلب الامور إلى ضحك متواصل وكان انيس دائما الصدر الحنون والمحب للحظات الفرح والضحك الذي لا يخرج عن نطاق الادب.
اذكر انيس كيف خرج من معتقل النقب الصحراوي بصنعة جديدة وهو المهني الماهر تاريخيا ( صنعة عمل الدروع) بأشكال ابداعية جدية باتت موجودة في جميع المؤسسات الفلسطينية على اختلاف تخصصاتها، وقام انيس بتطوير الصنعة خطوة خطوة حتى باتت ( الفيروز ) علامة فارقة ولكنها لم تكن يوما لأغراض التجارة بل ظلت الصدر الحنون لمن لا صدر حنون لهم في السوق الفلسطيني.
ساهم أنيس ابريوش باخلاص وتفاني في تأسيس الراصد الاقتصادي في العام 2001 وكان عضوا فاعلا ونشيطا في هذا الاطار بصورة ساهمت في رفع درجة كفاءة العمل في هذه المؤسسة التي تستمر في عطاءها اليوم وتفتقد عضوا مؤسسا وهو الأخ ( ابو تامر)، وكان كذلك نصيرا لجمعية حماية المستهلك الفلسطيني ونعم السند والأخ.
وكان اللقاء الأخير في أمسية رمضانية لتكريم اوائل الثانوية العامة من قبل وزارة التربية والتعليم وشركة جوال جمعتنا ذات الطاولة وتبادلنا اطراف الحديث وسقنا شريط الذكريات، لم يتخلى ابدا عن موضوعيته وطرحه الرزين بخصوص العمل النقابي في أوساط المعلمين، والعلاقة المنسقة مع وزارة التربية والتعليم.
رحمك الله يا أخي وصديقي وجاري الطيب انيس محمد يونس ابريوش وإلى جنات الخلد.