عمالة الأطفال في الحسبة والإشارات الضوئية إلى أين؟
بقلم: صلاح هنية
على الإشارة الضوئية التي تسمى تاريخياً إشارة مفرق خمس نجوم في مدينة رام الله ( العاصمة الإدارية المؤقتة لدولة فلسطين ) كان الفتى الذي يبيع علب المحارم الورقية يقفز بطريقة بهلوانية في وسط المفترق بصورة خطرة، ولسوء حظي فقد كانت أمامي شاحنة ( قاطر ومقطور) وما ابتعدت حتى كان الفتى أمام مقدمة سيارتي ولولا العناية الإلهية لكنت الآن في وضع لا أحسد عليه أبداً.
ودعوني آتي لكم من نهاية الحكاية، أنا المواطن المسؤول أولاً وأخيراً عن كل ما يجري ولا يجوز لي أن احمل المسؤول مسؤوليته لأنني مواطن وأنا الغلطان وأنا من يتصيد الأخطاء للآخرين ويعلق على كل كبيرة وصغيرة دون أدنى شعور بحجم الأعباء الملقاة على كاهل المسؤولين في الوطن عموماً وعلى كاهل المسؤولين في رام الله والبيرة.
بداية الحكاية كانت عندما خرجت من المفترق ( خمس نجوم) عبرت عن غضبي بيني وبين نفسي، وحضرت أمام ناظري وزارة الشؤون الاجتماعية ومديرية الشؤون الاجتماعية في محافظة رام الله والبيرة والباحثين الاجتماعيين وقلت: اين هؤلاء جميعا من الظاهرة المنتشرة على معظم الإشارات الضوئية في مدينة رام الله، وذات الظاهرة من حيث عمالة الأطفال في سوق خضار بلدية البيرة، والأطفال الذين يمضون ليلهم أمام المطاعم والمقاهي ليبيعوا العلكة أو الملبس بأنواعه.
هؤلاء الأطفال يحكون حكاياتهم، معظمهم يخاف غضب الأب إن لم يبيعوا بضاعتهم، آخرون عليهم الانتظار على الإشارة في وقت متأخر من الليل ريثما يحضر المسؤول عنهم ليجمع الأموال ويطلقهم عائدين إلى بيوتهم، كثيرون هم الذين يقدمون النصيحة والوعظ لهؤلاء الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، وغالباً ما تكون النصائح فوقية من طرف القلب وكأن مسجلاً يدار ليعيد ذات الكلمات دون أن يحرك ساكنا تجاه هذه الظاهرة.
آمل ان لا تذهب كلماتي في هذه المساحة أدراجَ الرياح مثلها مثل الذين ينصحون لأنهم يريدون أن يقولوا كلمتهم وينفضوا، وحتى تكون الفكرة أكثر قوة فإن رسالتنا يجب أن توجه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية التي يجب أن تتعاون مع الشرطة كما فعلت ذات مرة في سوق خضار وفواكه بلدية البيرة، يوم جمعت الأطفال ووقعت أولياء أمورهم على تعهد بإعادتهم لمقاعد الدراسة، ولماذا لا يكرر الأمر في ذات السوق وعلى الإشارات الضوئية وعلى مداخل المطاعم والمقاهي.
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، فهناك من هؤلاء الأطفال من يرتاد المقاهي وتقدم لهم الأراجيل وتباع لهم السجائر دون ادنى مسؤولية ولا أي نوع من العقاب القانوني على من يقوم بتقديم الأراجيل ويبيع السجائر لمن هم دون الثامنة عشرة، بينما يعبر هؤلاء الفتية عن غضبهم ضد صاحب مقهى يرفض أن يقدم لهم الأراجيل ويبيعهم السجائر.
علينا أن نعيد الاعتبار للنشاطات المجتمعية وتفعيل دور هؤلاء الفتية في نشاطات وفعاليات تبعدهم عن مظهر عمالة الأطفال المؤذية، ويجب القيام بحملة توعية تحت طائلة المسؤولية القانونية لمن يصر على مخالفة القانون والإصرار على عمالة الاطفال.
خارج النص:
محدثي كان أسيراً لكمّ من الإشاعات التي تطلق على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الرسائل الإلكترونية وهو غير مقتنع أن الموضوع إشاعة وأن المصدر غير موثوق، فبدأ يحاسب على أساسها ويحاكم عليها.
مؤسف هذا الوضع، وحاولت فكفكة المسألة ليس دفاعاً عن أحد ولكن رفقاً بمحدثي وتوتر أعصابه وبناء توقعاته على أساس الإشاعة، والأمر قد يقود إلى مرض ضغط الدم والسكري دون داعٍ لذلك.
رفقاً بصحة الناس يا أصحاب الإشاعات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، رفقاً بضياع الحقيقة على حساب الإشاعات، دعونا ننطلق بدلاً من أن تعثرونا وتتعثروا معنا.
تاريخ نشر المقال 09 شباط 2013