الرئيسية » الاخبار »   07 شباط 2014  طباعة الصفحة

حكمة وفطنة الرأي العام الفلسطيني بقلم: صلاح هنية

 الحديث في أوساط الرأي العام مختلف تماماً وبمعاير مختلفة تماماً خصوصاً عندما تستمع لذلك بعد انقضاء صلاة الجمعة وخلال تجوالك في السوق وتلتقي الناس هناك وتستمع لهم أو تسترق السمع في محل بيع السمك لحوار اثنين، أو أن يستوقفك أحدهم في الطريق ويصب جام غضبه على الوضع بمنطق واضح وصريح.

بعد انقضاء صلاة الجمعة استوقفني ثلاثة أمام باب المسجد أحدهم قال "يا أخي أنا متفق معك، لماذا لا يعاقب من يتاجر في الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وغير المطابقة للمواصفات والمخزنة بطريقة غير سليمة "

فرد عليه شريك الحوار وقال "أنا أشك أنه يتم ضبط هذه الكميات من الأغذية الفاسدة وما هي الا محاولة لإثبات وجود من جهات رسمية، ولكن أنا واثق انه لا يوجد هذا الكم، اذا صح القول فقد باتوا في كل جهات الرقابة فقط ينظفون مخازن ومحلات التجار من الأغذية الفاسدة ويجمعونها وعليها السلام".

فتغير المزاج لدى الأول وقال "إذن اطلبوا منهم أن ينظموا عرضا للأغذية الفاسدة ويضعوها في الساحة المقابلة لمسجد جمال عبد الناصر في البيرة، وليكن يوما تعليمياً للمستهلك ما هي الأغذية الفاسدة وكيف يتم التعرف عليها، ولينظموا حملة إتلاف لها أمام أعين مجموعة من المواطنين حتى نتأكد من صدقية هذه الإعلانات عن الضبط".

فتدخل آخر وقال "والله يا جماعة ما في حد مستفيد من هذه القضية الا رامي ليفي في المستوطنات فهو بناء على هذه الإعلانات عن كميات الضبط بآلاف الأطنان الرابح الأكبر وهنا تكمن المشكلة". الخبير المتقاعد قال " كنا عندما نضبط بحكم الوظيفة نقوم بتشكيل لجنة إتلاف بحضور الجهة التي ضبطت والنيابة ووزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك الفلسطيني ووزارة الزراعة وأمام كاميرات تلفزيون فلسطين والإعلام، اليوم لماذا تغير هذا الإجراء لا ندري".

للأمانة والموضوعية لم أشأ التصرف بصياغة النقاش حتى لا يفقد رونقه وصدقيته، ولكنه مؤشر مهم على تشكك الرأي العام من حجم ما يتم الإعلان عن ضبطه لتسجيل سبق لهذه الجهة ولتلك، وحتى البحث العلمي المحكم بات متشككا بصدقية الإعلان عن حجم ما يضبط. عملياً ومنطقياً لا يجوز أن يظل الخطاب الرسمي الفلسطيني بخصوص الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وتشجيع المنتجات الفلسطينية والإفراط باستخدام المبيدات الزراعية وتوفر الأدوية في صيدليات وعيادات وزارة الصحة وسياسة عدادات المياه مسبقة الدفع موسمياً وتبريرياً ومكرراً، بل يجب أن تطور أدواته ومضمونه وتعميمه ليصل على شكل رسائل قصيرة واضحة ذات مضمون للرأي العام يخفف قليلا من درجة القلق ومن درجة الاستخفاف ومن حدة الرغبة بالتوجه صوب عناوين أخرى لا نريدها.

وفي ضوء الفضاء المفتوح فإن المواطن الفلسطيني بات متابعاً حثيثاً لأنماط مختلفة من التعامل مع القضايا المفصلية التي تمس حياة المواطن بكبسة زر على المحرك عن بعد ليتابع خبراً في هذه الفضائية أو تلك فيجد إجراءً ونظاماً وقراراً لهذه الوزارة او تلك تخص حقوقه الأساسية، أو بكبسة زر عبر الشبكة العنكبوتية ليرى كيف يعالج العالم قضايا المستهلك في الاتصالات والمواصلات والدواء والمياه والكهرباء.

بات تكرار الحديث في الخطاب الإعلامي الرسمي عن عدم السيطرة على المعابر والحدود، وعن خسائر للاقتصاد الفلسطيني جراء تحكم الاحتلال في المناطق المصنفة (ج)، وعن أن مديونية البلديات لفاتورة المياه تصل مليار شيكل كيف سنستردها، والحديث عن مديونية الكهرباء، لا يأتي بأي فائدة على مستوى الرأي العام الفلسطيني من كثرة التكرار وقلة الإجراءات التي تصنع استجابة لهذه التحديات وتحويلها إلى فرص بالشراكة الحقيقية مع الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته.

فصل المقال "الرأي العام الفلسطيني لا يطلب المستحيل ولم يعد يرفع توقعاته في ضوء ما يعايشه يومياً وساعة بساعة، ولكنه لا زال ينظر بأمل وبواقعية لصناعة نوع من الفرق على أرض الواقع بما يليق بفلسطين سكاناً وجغرافية وتاريخاً وحضارةً وتراثاً".