الرئيسية » الاخبار »   10 آذار 2014  طباعة الصفحة

حول مشاركة فلسطين في المؤتمر العربي لحماية المستهلك ... بقلم: صلاح هنية

 

لم أجد نفسي بحاجة لبذل الكثير من الجهد لأجد لغة مشتركة خلال أعمال مؤتمر حماية المستهلك العربي الأول بمشاركة الدول العربية، فقد اسعفتني منذ لحظة دخولي قاعة المؤتمر حتى انفضاضه اللغة المشتركة ولغة الجسد التي كانت ايضا مشتركة، نحن هم وهم نحن، هناك من يقول ضبطنا وحولنا إلى النيابة الاقتصادية والمالية واعطى جردا لعدد القضايا المنظورة أمام القضاء ونسبة ما قضي به ونسبة ما تم تاجيله ونسبة ما اعتبرت تقاريره الاستدلالية ليست كافية، وهناك من اعتبر أن الأجهزة الرسمية تعتمد نموذج ( اطبطب ادلع )، وهناك من ناكف الجهات الرسمية في بلاده بمعنى انه تجمل الصورة لكن الواقع مختلف، فكان الجواب: الم اوجه لك الدعوة لمناقشتي في مكتبي وانت تعلم ان ابواب مكتبي مفتوحة لك؟

 وهناك من ابحر في العلامات التجارية المقلدة والمزورة وهناك من ربط بين حقوق الإنسان وحقوق المستهلك، وهناك من جلد دور جمعيات حماية المستهلك العربية واتحادها العربي.

اتقنت دور المستمع الجيد في الساعات الاولى ولكنني شاركت فيما بعد كجمهور ومن ثم كمعد ورقة عمل في المؤتمر تتعلق بتجربة فلسطين في جمعية حماية المستهلك)، كمداخل من الجمهور لاقت فلسطين ترحيبا منقطع النظير، كمتحدث ضمن ورقة عمل لاقت التجربة الفلسطينية الموزعة على احدى عشر محافظة استحساننا خصوصا اننا نمتلك استقلالية في كل محافظة ولكننا نتكامل ونتواصل وننسق في أكثر من منصة، وعكست تنوع النشاطات في المحافظات ودور وزارة الاقتصاد الوطني والزراعة والصحة ولجان السلامة العامة في مكافحة تحويل أسواقنا إلى مكب نفايات للإسرائيلين ومستوطناتهم.

وكان هناك تعقيبا على مداخلاتي أنار لي جانبا مهم عندما قيل لي إن الانتصار في خفض أسعار الأدوية الاجنبية المستوردة من الخارج لتصبح مثل سعرها في الاردن ومصر ليس بالضرورة ان يكون سبب الارتفاع تواطئ الموردين بل بالضرورة أن يكون هناك دور لتلكؤ جهات التنفيذ والرقابة في التنفيذ، وهذا معيار حسب التعقيب يجب أن تكون حاضرة بقوة لدى جمعيات حماية المستهلك العربي.

ولعل اروع ما في المؤتمر هي اللقاءات الجانبية على هامشه والتي تثري النقاش وتغني التجربة، وهذا النقاش غالبا لا يعكس بريق المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي عندما يكون حديث القلب للقلب والصراحة والوضوح.

وللامانة فإن النيل والبحر الابيض المتوسط في الاسكندرية كانا ضمانة لتحقيق نجاح لأعمال المؤتمر وبلورة رؤى موحدة لحماية المستهلك في الوطن العربي، والتعادلية بين سياسة التنافسية وسياسة حماية المستهلك، ودور الدولة ضمن اقتصاديات السوق، وموقع حقوق الإنسان.  وجاءت التوصيات سلسة متوافقة دون بذل جهد للتوافق خصوصا أن حماية المستهلك وتوعيتها وصيانة احتياجاته الانسانية الأساسية لا يختلف عليها اثنان.

وقد لامس المؤتمر العديد من المحاور ذات الطابع المشترك ولعل أبرزها دور السلطات الجمركية في محاربة السلع المقلدة خصوصا أن خطورتها تعم وتطم ليس فقط على الاقتصاد والتجارة بل على أرواح المستهلك كما حدث مرة في احدى شركات الطيران في الثمانينات عندما استخدمت قطع غيار غير اصلية فأدت إلى ضياع ارواح، ولعل الأمر ذاته ينسحب على قطاع النقل في فلسطين.

ولامس المؤتمر التجربة المصرية مثلا في محاربة ظاهرة الاعلان عن وكالات الالكترونيات وسيارات وقطع غيار وكهربائيات لا تكون وكالات حقيقية، وتعاني بعض السيارات من غياب الإضافات المفروض أن تكون جزءا من السيارة نفسها، ومتابعة وكالات السيارات لإعادة السيارات المرهونة بعد التسديد بذات السعر وبذات الاتفاقية دون زيادة أو نقصان، وسيقت العديد من الأمثلة بالاسماء.

وبخصوص التجربة المصرية، فقد استطاعت الجهة الرسمية لحماية المستهلك الحصول على قرار من وزير العدل المصري بمنح 20 موظفا من حملة شهادة القانون صفة الضبطية القضائية بصورة تسهل التحرك باتجاه حماية المستهلك المصري.

وتعرضت الأوراق العلمية إلى قضايا محورية أهمها:
-ضرورة التركيز على العلاقة الطردية بين احترام حقوق الإنسان والنمو الاقتصادي.

-الرشد في حماية المستهلك تحديدا عدم التعادل في العلاقة بين المستهلك والمورد ممثلة في القوة التفاوضية والمعرفة والموارد.

-المشاركة بين القطاعين العام والخاص، الأمر الذي جعل الحقوق الاقتصادية للإنسان تتحدد بفعل قوى السوق ويختلف باختلاف دور الدولة.

-السوق يؤسس سلوكه لدى جانب الطلب من المستهلك على قاعدة عدم الادراك للمستهلك وتعقيد قوى السوق لعملية التسعير لمنع المقارنة بين الأسعار واختيار الأفضل.

التطبيق السليم لسياسة المنافسة ( التنافسية ومنع الاحتكارات) ستؤدي إلى:

• انخفاض الأسعار.

• زيادة الجودة للسلع والخدمات.

• زيادة الخيارات المطروحة أمام المستهلك.

وحضرت بقوة ظاهرة الاعلانات المضللة ودورها السلبي على اختيارات المستهلك ووقوعه في شرك الاغراءات غير القائمة.

وكان هناك نصيبا لعقود الاذعان التي عرفت انها عبارة عن عقود يقتضي ابرامها الايجاب الجماعي من كل المستهلكين ولا يتم التفاوض على شروطها، بحيث تعكس تفرد الطرف القوي بالطرف الأضعف بما يسمح له بوضع شروط العقد كما شاء ولا يوجد خيار الا قبوله كله أو رفضه كله.

لقد فتحت أمامنا أجواء النيل والبحر الابيض المتوسط وعبق الحضارة المصرية القديمة والتاريخ والطيبة المتناهية آفاقا جديدة من التفكير في أجواء المؤتمر وما بعده، ومن المفيد أن يجري تبادل هذه المعرفة ونشرها وتعميمها، وما تلك الا محاولة في هذا الاتجاه ضمن محاولات أخرى متعددة.

والدرس الأهم أن رئاسة المؤتمر ورئاسة الجلسات كانت حريصة كل الحرص ألا يقع المؤتمر في مصيدة الإثارة التي لا تؤدي إلى شيء كأن يقدم البعض من خلال مداخلاته نفسه على أنه المدافع الوحيد بل الأوحد عن حقوق المستهلك العربي والبقية المتبقية لا مكان لهم على الخارطة، أو أن يشهّر دون أدلة ومرجعيات، كانت لغة الحوار وقبول الآخر سيدة الموقف، وكان النقد الموضوعي لغياب دور هنا ورغبة بالتطوير هناك ورغبة بتداول السلطات داخل الاتحاد العربي لحماية المستهلك.
• رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني

www.pcp.ps
[email protected]